responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 80
أَمْرُ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْتُل نَفْسَهُ:
إِذَا أَمَرَ الإِْنْسَانُ غَيْرَهُ - أَمْرًا لَمْ يَصِل إِلَى دَرَجَةِ الإِْكْرَاهِ - بِقَتْل نَفْسِهِ فَقَتَل نَفْسَهُ، فَهُوَ مُنْتَحِرٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ شَيْءَ عَلَى الآْمِرِ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُورَ قَتَل نَفْسَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)} [النساء:29،30] وَمُجَرَّدُ الأَْمْرِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي الاِخْتِيَارِ وَلاَ فِي الرِّضَا، مَا لَمْ يَصِل إِلَى دَرَجَةِ الإِْكْرَاهِ التَّامِّ الَّذِي سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

الإِْكْرَاهُ عَلَى الاِنْتِحَارِ:
الإِْكْرَاهُ هُوَ: حَمْل الْمُكْرَهِ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ. وَهُوَ نَوْعَانِ: مُلْجِئٌ وَغَيْرُ مُلْجِئٍ.
فَالْمُلْجِئُ: هُوَ الإِْكْرَاهُ الْكَامِل، وَهُوَ أَنْ يُكْرَهَ بِمَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى تَلَفِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ. وَهَذَا النَّوْعُ يُعْدِمُ الرِّضَا، وَيُوجِبُ الإِْلْجَاءَ، وَيُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ. (1)
وَغَيْرُ الْمُلْجِئِ: هُوَ أَنْ يُكْرِهَهُ بِمَا لاَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ يُوجِبُ الإِْلْجَاءَ وَلاَ يُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ. وَالْمُرَادُ هُنَا الإِْكْرَاهُ الْمُلْجِئُ الَّذِي يُعْدِمُ الرِّضَا وَيُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ.
إِذَا أَكْرَهَ إِنْسَانٌ غَيْرَهُ إِكْرَاهًا مُلْجِئًا لِيَقْتُل الْمُكْرَهَ، بِأَنْ قَال لَهُ: اقْتُلْنِي وَإِلاَّ قَتَلْتُكَ، فَقَتَلَهُ فَهُوَ فِي حُكْمِ الاِنْتِحَارِ، حَتَّى لاَ يَجِبَ عَلَى الْقَاتِل الْقِصَاصُ وَلاَ الدِّيَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) لأَِنَّ الْمُكْرَهَ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) كَالآْلَةِ بِيَدِ الْمُكْرِهِ فِي الإِْكْرَاهِ التَّامِّ (الْمُلْجِئِ) فَيُنْسَبُ الْفِعْل إِلَى الْمُكْرِهِ وَهُوَ الْمَقْتُول، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَتَل نَفْسَهُ، كَمَا اسْتَدَل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَلأَِنَّ إِذْنَ الْمُكَلَّفِ يُسْقِطُ الدِّيَةَ وَالْقِصَاصَ مَعًا كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ، فَكَيْفَ إِذَا اشْتَدَّ الأَْمْرُ إِلَى دَرَجَةِ الإِْكْرَاهِ الْمُلْجِئِ؟
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ؛ لأَِنَّ الْقَتْل لاَ يُبَاحُ بِالإِْذْنِ، إِلاَّ أَنَّهُ شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الْقِصَاصَ. وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَوْضُوعِ، وَقَدْ سَبَقَ رَأْيُهُمْ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِل إِذَا أَمَرَهُ الْمَقْتُول بِالْقَتْل. (2)

(1) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5/ 181،والبدائع 7/ 175،وأسنى المطالب 3/ 282،ومواهب الجليل 4/ 45،والمغني لابن قدامة 8/ 260
(2) -الوجيز للغزالي 2/ 143،ونهاية المحتاج 7/ 248،296،وشرح منتهى الإرادات 3/ 275،والبدائع 7/ 179
اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست