responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 70
لِلسِّبَاحَةِ، أَمَّا النَّارُ فَيَسِيرُهَا يُهْلِكُ، وَلأَِنَّ النَّارَ لَهَا حَرَارَةٌ شَدِيدَةٌ، فَرُبَّمَا أَزْعَجَتْهُ حَرَارَتُهَا عَنْ مَعْرِفَةِ مَا يَتَخَلَّصُ بِهِ، أَوْ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ بِأَلَمِهَا وَرَوْعَتِهَا. (1)

ثَالِثًا: تَرْكُ الْعِلاَجِ وَالتَّدَاوِي:
الاِمْتِنَاعُ مِنَ التَّدَاوِي فِي حَالَةِ الْمَرَضِ لاَ يُعْتَبَرُ انْتِحَارًا عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا وَامْتَنَعَ مِنَ الْعِلاَجِ حَتَّى مَاتَ، لاَ يُعْتَبَرُ عَاصِيًا، إِذْ لاَ يَتَحَقَّقُ بِأَنَّهُ يَشْفِيهِ.
كَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلاَجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ لاَ يُعْتَبَرُ مُنْتَحِرًا، بِحَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى جَارِحِهِ، إِذِ الْبُرْءُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنْ عَالَجَ [2].
أَمَّا إِذَا كَانَ الْجُرْحُ بَسِيطًا وَالْعِلاَجُ مَوْثُوقًا بِهِ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَصْبَ الْعِرْقِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ قَدْ قَتَل نَفْسَهُ، حَتَّى لاَ يُسْأَل جَارِحُهُ عَنِ الْقَتْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (3)
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِخِلاَفِهِ، وَقَالُوا: إِنْ تَرَكَ شَدَّ الْفِصَادِ مَعَ إِمْكَانِهِ لاَ يَسْقُطُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ جُرِحَ فَتَرَكَ مُدَاوَاةَ جُرْحِهِ. (4)
وَمَعَ تَصْرِيحِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ تَرْكَ الْعِلاَجِ لاَ يُعْتَبَرُ عِصْيَانًا؛ لأَِنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ، قَالُوا: إِنْ ضَرَبَ رَجُلاً بِإِبْرَةٍ فِي غَيْرِ الْمَقْتَل عَمْدًا فَمَاتَ، لاَ قَوَدَ فِيهِ (5)
فَقَدْ فَصَّلُوا بَيْنَ الْجُرْحِ الْمُهْلِكِ وَغَيْرِ الْمُهْلِكِ كَالشَّافِعِيَّةِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ تَرْكَ الْجُرْحِ الْيَسِيرِ لِنَزْفِ الدَّمِ حَتَّى الْمَوْتِ يُشْبِهُ الاِنْتِحَارَ.
وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى نَصٍّ لِلْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
الاِنْتِحَارُ حَرَامٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَيُعْتَبَرُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151]

(1) - الفتاوى الهندية 6/ 5،وشرح منتهى الإرادات 3/ 269،ونهاية المحتاج 7/ 243،والمغني 9/ 326،والوجيز للغزالي 2/ 122
[2] - ابن عابدين 5/ 215،ونهاية المحتاج 7/ 243،والمغني 9/ 326
(3) - نهاية المحتاج7/ 243
(4) - المغني 9/ 326
(5) - ابن عابدين 5/ 215،والفتاوى الهندية 6/ 5
اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست