responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 64
بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَكْثَرَ فَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَقَدْ يُوجَدُ فِيمَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ هُوَ أَقُلُّ عَمَلًا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَيَكُونُ مَفْضُولًا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي الصُّحْبَةِ بِلَفْظِ «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِ أُجُورِ الْأَعْمَالِ لَا بِاعْتِبَارِ فَضِيلَةِ الصُّحْبَةِ
وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا حَدِيثُ ثَعْلَبَةَ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ قَالَ: «لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا» ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْخَمْسِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّفْضِيلَ بِاعْتِبَارِ الْأَعْمَالِ، فَاقْتَضَى الْأَوَّلُ أَفْضَلِيَّةَ الصَّحَابَةِ فِي الْأَعْمَالِ إلَى حَدٍّ يَفْضُلُ نِصْفُ مُدِّهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، وَاقْتَضَى الثَّانِي تَفْضِيلَ مَنْ بَعْدَهُمْ إلَى حَدٍّ يَكُونُ أَجْرُ الْعَامِلِ أَجْرَ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَاَلَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ لِلصَّحَابَةِ مَزِيَّةً لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا مَنْ بَعْدَهُمْ وَهِيَ صُحْبَتُهُ - صلى الله عليه وسلم - وَمُشَاهَدَتُهُ وَالْجِهَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْفَاذُ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ مَزِيَّةٌ لَا يُشَارِكُهُمْ الصَّحَابَةُ فِيهَا وَهِيَ إيمَانُهُمْ بِالْغَيْبِ فِي زَمَانٍ لَا يَرَوْنَ فِيهِ الذَّاتَ الشَّرِيفَةَ الَّتِي جَمَعَتْ مِنْ الْمَحَاسِنِ مَا يَقُودُ بِزِمَامِ كُلِّ مُشَاهِدٍ إلَى الْإِيمَانِ إلَّا مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ
وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأَعْمَالِ فَأَعْمَالُ الصَّحَابَةِ فَاضِلَةٌ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِحَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ» الْحَدِيثَ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَزِيَّةَ هِيَ لَلسَّابِقِينَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَاطَبَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُمْ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ السَّبَبُ، وَفِيهِ قِصَّةٌ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، فَاَلَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا» هُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ تَأَخَّرَتْ صُحْبَتُهُمْ، فَكَانَ بَيْنَ مَنْزِلَةِ أَوَّلِ الصَّحَابَةِ وَآخِرِهِمْ أَنَّ إنْفَاقَ مِثْلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ لَا يَبْلُغُ مِثْلَ إنْفَاقِ نِصْفِ مُدٍّ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ.
وَأَمَّا أَعْمَالُ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا أَفْضَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، إنَّمَا وَرَدَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِأَيَّامِ الْفِتْنَةِ وَغُرْبَةِ الدِّينِ حَتَّى كَانَ أَجْرُ الْوَاحِدِ يَعْدِلُ أَجْرَ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ هَذَا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ مَا وَرَدَ فِي أَعْمَالِ الصَّحَابَةِ، فَأَعْمَالُ الصَّحَابَةِ فَاضِلَةٌ وَأَعْمَالُ مَنْ بَعْدَهُمْ مَفْضُولَةٌ إلَّا فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ، وَمِثْلِ حَالَةِ مَنْ أَدْرَكَ الْمَسِيحَ إنْ صَحَّ ذَلِكَ الْمُرْسَلُ، وَبِانْضِمَامِ أَفْضَلِيَّةِ الْأَعْمَالِ إلَى مَزِيَّةِ الصُّحْبَةِ يَكُونُونَ خَيْرَ الْقُرُونِ وَيَكُونُ

اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست