responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 28
وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْأَحْنَفِ يَنْهَاهُ عَنِ الْعُبُورِ إِلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَقَالَ: احْفَظْ مَا بِيَدِكَ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ. وَلَمَّا وَصَلَ رَسُولَا يَزْدَجِرْدَ إِلَى اللَّذَيْنِ اسْتَنْجَدَ بِهِمَا لَمْ يَحْتَفِلَا بِأَمْرِهِ، فَلَمَّا عَبَرَ يَزْدَجِرْدُ النَّهْرَ، وَدَخَلَ فِي بِلَادِهِمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا إِنْجَادُهُ فِي شَرْعِ الْمُلُوكِ، فَسَارَ مَعَهُ خَاقَانُ الْأَعْظَمُ مَلِكُ التُّرْكِ، وَرَجَعَ يَزْدَجِرْدُ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ فِيهِمْ مَلِكُ التَّتَارِ خَاقَانُ، فَوَصَلَ إِلَى بَلْخَ وَاسْتَرْجَعَهَا، وَفَرَّ عُمَّالُ الْأَحْنَفِ إِلَيْهِ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، وَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ بَلْخَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْأَحْنَفِ بِمَرْوِ الرُّوذِ، فَبَرَزَ الْأَحْنَفُ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالْجَمِيعُ عِشْرُونَ أَلْفًا، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِآخَرَ: إِنْ كَانَ الْأَمِيرُ ذَا رَأْيٍ، فَإِنَّهُ يَقِفُ دُونَ هَذَا الْجَبَلِ، فَيَجْعَلُهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَيُبْقِي هَذَا النَّهْرَ خَنْدَقًا حَوْلَهُ ; فَلَا يَأْتِيهِ الْعَدُوُّ إِلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَحْنَفُ، أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ فَوَقَفُوا فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ بِعَيْنِهِ، وَكَانَ أَمَارَةَ النَّصْرِ وَالرُّشْدِ، وَجَاءَتِ الْأَتْرَاكُ وَالْفُرْسُ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ هَائِلٍ مُزْعِجٍ، فَقَامَ الْأَحْنَفُ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّكُمْ قَلِيلٌ وَعَدُّوكُمْ كَثِيرٌ، فَلَا يَهُولَنَّكُمْ، فَ {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249].فَكَانَتِ التُّرْكُ يُقَاتِلُونَ بِالنَّهَارِ، وَلَا يَدْرِي الْأَحْنَفُ أَيْنَ يَذْهَبُونَ فِي اللَّيْلِ. فَسَارَ لَيْلَةً مَعَ طَلِيعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ نَحْوَ جَيْشِ خَاقَانَ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبَ الصُّبْحِ، خَرَجَ فَارِسٌ مِنَ التُّرْكِ طَلِيعَةً، وَعَلَيْهِ طَوْقٌ، وَضَرَبَ بِطَبْلِهِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْأَحْنَفُ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَطَعَنَهُ الْأَحْنَفُ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ:
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقًّا ... أَنْ يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَوْ يَنْدَقَّا
إِنَّ لَنَا شَيْخًا بِهَا مُلَقَّى ... سَيْفَ أَبِي حَفْصِ الَّذِي تَبَقَّى
قَالَ: ثُمَّ اسْتَلَبَ التُّرْكِيَّ طَوْقَهُ وَوَقَفَ مَوْضِعَهُ، فَخَرَجَ آخَرُ عَلَيْهِ طَوْقٌ وَمَعَهُ طَبْلٌ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِطَبْلِهِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْأَحْنَفُ فَقَتَلَهُ أَيْضًا، وَاسْتَلَبَهُ طَوْقَهُ وَوَقَفَ مَوْضِعَهُ، فَخَرَجَ ثَالِثٌ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ طَوْقَهُ ثُمَّ أَسْرَعَ الْأَحْنَفُ الرُّجُوعَ إِلَى جَيْشِهِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ التُّرْكِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ مَبِيتِهِمْ، حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثَةٌ مِنْ كَهَوْلِهِمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ؛ يَضْرِبُ الْأَوَّلُ بِطَبْلِهِ، ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثُ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ بَعْدَ الثَّالِثِ، فَلَمَّا خَرَجَتِ التُّرْكُ لَيْلَتَئِذٍ بَعْدَ الثَّالِثِ، فَأَتَوْا عَلَى فُرْسَانِهِمْ مُقَتَّلِينَ، تَشَاءَمَ بِذَلِكَ الْمَلِكُ خَاقَانُ وَتَطَيَّرَ، وَقَالَ لِعَسْكَرِهِ: قَدْ طَالَ مَقَامُنَا، وَقَدْ أُصِيبَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ بِمَكَانٍ لَمْ نُصَبْ بِمِثْلِهِ، مَا لَنَا فِي قِتَالِ

اسم الکتاب : الأدلة الشرعية في جواز العمليات الاستشهادية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست