responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 98
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (إذا كان المدرك أقل من ركعة وكان بعدها جماعة أخرى فصلى معهم في جماعة صلاة تامة فهذا أفضل، فإن هنا يكون مصليًا في جماعة، بخلاف الأول) [1]، والله أعلم.

الحكم الثالث عشر ما تدرك به الجماعة
تدرك الجماعة بإدراك ركعة مع الإمام، فمن أدرك مع إمامه ركعة فقد أدرك الجماعة، ومن أدرك أقل من ركعة، كأن يدركه في السجود من الركعة الأخيرة أو في التشهد؛ فقد فاتته الجماعة، وهذا هو القول الراجح من قولي أهل العلم، ودليل ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" [2]. فهذا حديث صريح يدل بمنطوقه على أن من أدرك ركعة من صلاة الإمام فقد أدرك صلاة الجماعة؛ لأنه نص عام في جميع صور إدراك ركعة من الصلاة، سواء كان إدراك جماعة، أو إدراك وقت. ويدل بمفهومه على أن من أدرك أقل من ركعة لم يدرك الصلاة، سواء كان إدراك جماعة، أو إدراك وقت. والركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع مع الإمام، بأن يجتمع مع الإمام في حد أقل الركوع، ولو لم يدرك قراءة الفاتحة مع إمامه، وقد مضى بيان ذلك. أما من قال: إن الجماعة تدرك بإدراك التكبير قبل سلام الإمام؛ فهو قول مرجوح، لا يعضده دليل؛ لما يلي:
أنه مبني على تعليل، وهو أن المأموم أدرك جزءًا من صلاة الإمام، فأشبه ما لو أدرك ركعة، وهذا تعليل في مقابلة نص.
أنه لا يعرف في نصوص الشرع تعليق الإدراك بإدراك تكبيرة لا في الوقت، ولا في الجمعة، ولا في الجماعة، فهو وصف ملغي في نظر الشارع فلا يجوز اعتباره، ولا بناء الحكم عليه.
أن ما دون الركعة لا يعتد به في الصلاة؛ لأن المأموم يستقبل جميع صلاته منفردًا فلم يدرك مع إمامه شيئًا يحتسب له به، فتكون صلاته كلها صلاة منفرد [3].
لكن بقي مسألة يسأل عنها، ويناسب ذكرها هنا؛ وهي: هل يجوز للمسبوق أن يعتد بالركعة الزائدة في حق الإمام، ويعتبرها ركعة صحيحة له؟ ومثال ذلك: إمام قام إلى خامسة في رباعية -كالظهر- أو إلى رابعة في المغرب ساهيًا، وهناك مأموم دخل معه في هذه الركعة، ولم يعلم أنها زائدة، فهل تحسب له ويكون قد أدرك الجماعة؛ الراجح من قولي أهل العلم أنه يعتد بها، فتحسب له من صلاته، ويكون أدرك الجماعة؛ لأنه أدرك مع الإمام ركعة، وهي وإن كانت زائدة في حق الإمام فهو معذور بزيادتها؛ لأنه لم يتعمدها، وهي صحيحة في حق المسبوق؛ لأنها من صلاته الأصلية.
ولو قلنا: لا يعتد بها لاقتضى ذلك جواز أن يزيد في الصلاة ركعة متعمدًا، وذلك مبطل للصلاة بالإجماع؛ لأنه يقتضي أن يصلي الرباعية خمسًا، والمغرب أربعًا، وما لزم منه خرق الإجماع ومخالفة الأدلة الشرعية فهو غير صحيح. وأما من قال: إن المسبوق لا يعتد بها، لأنها زيادة لا يعتد بها الإمام فلم يعتد بها المأموم، ففيه نظر؛ لأن الإمام لا يعتد بها؛ لكونها زائدة في حقه والمأموم يعتد بها؛ لكونها من صلاته فكيف نلغيها ونأمره أن يزيد في صلاته؟! والله أعلم [4].

[1] مجموع الفتاوى (23/ 257).
[2] تقدم تخريجه في الحكم السادس.
[3] انظر: مجموع الفتاوى (23/ 257)، أحكام الإمامة والائتمام ص (360).
[4] انظر: الإنصاف (2/ 127، 128).
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست