اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 90
السواري في غير جماعة)، وذكر حديث ابن عمر قال: (دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيت وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال، فأطال ثم خرج، كنت أول الناس دخل على أثره، فسألت بلالًا: أين صلّى؟ قال: بين العمودين المقدمين) [1].
وليحذر المصلي أن يقف في صف متأخر مع وجود أمكنة خالية في الصفوف الأول، كما يفعله بعض الناس عندما يقيمون صفًا أو صفوفًا وبينهم وبين الإمام صفوف شاغرة، فإن هذا مخالف لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه ... " الحديث، وتقدم قريبًا، ولقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يأخرون حتى يؤخرهم الله" [2]. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد، ومن فعل ذلك استحق التأديب، ولمن جاء بعده تخطيه، ويدخل لتكميل الصفوف المتقدمة، فإن هذا لا حرمة له).
وقال: (بل إذا امتلأ المسجد بالصفوف صفوا خارج المسجد، فإن اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق صحت صلاتهم، وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشى الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء، وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة فإنه لا تصح صلاتهم في أظهر قول العلماء) [3]. وقال أيضًا: (والسنة في الصفوف أن يتموا الأول فالأول، ويتراصون في الصف، فمن صلى في موخرة المسجد مع خلو ما يلي الإمام كانت صلاته مكروهة، والله أعلم) [4].
وختامًا أوجه نداء إلى أئمة المساجد أن يهتموا بتسوية الصفوف، ويأمروا المأمومين بذلك قبل تكبيرة الإحرام بألفاظ التسوية الثابتة في السنة؛ مثل: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، اعتدلوا، سوّوا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، أتموا الصف الأول فالأول [5]، ونحو ذلك، ويختار من الألفاظ الواردة ما يناسب الحال، والأولى عدم زيادة: (رحمكم الله)؛ لعدم ورودها في أحاديث تسوية الصفوف.
ولا يكفي أن يقول الإمام ذلك دون أن يلتفت إلى المأمومين -كما عليه بعض الأئمة- ثم يكبر ويترك الخلل والفرجات، وعلى الإمام أن يحيي السنة المهجورة، فيأتي بنفسه إلى ناحية الصف لتسويته، أو يرسل رجلًا لتسوية الصف، فقد ثبت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يشرف بنفسه على تسوية الصف، قال أبو مسعود -عقبة بن عمرو رضي الله عنه-: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: "استووا ولا تختلفوا .. " [6] ويقول البراء -رضي الله عنه-: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" [7]، وجاء عن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يأمر بتسوية الصفوف، [1] انظر فتح الباري (1/ 578)، والسنن الكبرى للبيهقي (3/ 104). [2] انظر: القول المبين في أخطاء المصلين (ص 213)، والحديث الثاني تقدم تخريجه في الحكم الرابع من هذا الفصل. [3] مجموع فتاوى ابن تيمية (23/ 410). [4] المصدر السابق (23/ 408). [5] انظر: المصنف لابن أبي شيبة (1/ 351). [6] تقدم قريبًا. [7] رواه أبو داود (664)، والنسائي (2/ 89، 90)، وابن خزيمة (3/ 24)، وإسناده صحيح، وانظر صحيح الترغيب (490).
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 90