اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 76
وليس معناه أن تحية المسجد ساقطة عن هذا المسجد، كما توهم بعضهم من مفهوم هذه العبارة الصادرة عن الفقهاء وغيرهم). اهـ [1].
الأمر الثاني: أن في ذلك حرجًا عظيمًا لا تأتي الشريعة الإسلامية بمثله، فلو كان الداخل للمسجد الحرام لا يجلس حتى يطوف لوقع الناس في مشقة، لا سيما مع تكرر دخول المسجد الحرام لصلاة وغيرها. وكيف يكون الحال أوقات المواسم كالحج أو رمضان وغيرها من الأوقات التي يزدحم فيها المسجد الحرام بالمعتمرين والحجاج والمصلين. فالحمد لله على تيسيره.
سقوط تحية المسجد
تسقط تحية المسجد في صور عديدة أهمها ما يلي:
إذا تكرر دخول الإنسان المسجد عدة مرات متوالية، فمن أهل العلم من قال: يكفيه ركعتان، وهو قول الحنفية [2]، ونقله المرداوي عن ابن عقيل الحنبلي، وعلل ذلك بالمشقة لو صلى لكل مرة [3].
وقال الأكثرون: تستحب التحية لكل مرة، قال النووي: وهو الأقوى والأقرب على ظاهر الحديث. اهـ [4]. ورجحه الشيخ عبد الرحمن السعدي [5].
والأظهر أنه يكفيه ركعتان؛ لأن من خرج من المسجد وعاد إِليه عن قرب لم يخرج خروجًا منقطعًا، فلا يعد خروجًا، بدليل أن مثل ذلك لا يقطع اعتكاف المعتكف، أما من خرج خروجًا منقطعًا ولم ينو الرجوع فهذا تشرع له التحية مرة أخرى إن رجع. والله أعلم [6].
إذا دخل المسجد وجلس قبل التحية، فإن لم يطل الفصل قام وصلى، على الأظهر من قولي أهل العلم [7]، ويدل لذلك حديث جابر -رضي الله عنه- قال: بينما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أصليت يا فلان؟ " قال: لا. قال: "قم فصلّ ركعتين" [8].
قال النووي: (الذي يقتضيه هذا الحديث أنه إذا ترك التحية جهلًا بها أو سهوًا يشرع له فعلها ما لم يطل الفصل، وهذا هو المختار) [9].
أما إِذا جلس وطال الفصل فمن أهل العلم من قال: إنه فات محلها، وقال آخرون: بل يقوم ويصلي ولو طال الفصل؛ لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر سليكًا -كما تقدم- بتحية المسجد بعد جلوسه، ولا تحديد لهذا الفصل، فلا يتركها الداخل حتى ولو جلس فإنه يصليها [10].
والقول بأنه إذا طال الفصل لا يصليها لا يخلو من وجاهة، ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" [1] الموضوعات الكبرى (ص 156)، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني (3/ 73). [2] حاشية ابن عابدين (2/ 460). [3] تصحيح الفروع مع الفروع (1/ 502). [4] المجموع (4/ 52). [5] الفتاوى السعدية ص (161). [6] فتاوى ابن عثيمين (4/ 353). [7] أحكام المساجد (2/ 188). [8] تقدم تخريجه. [9] المجموع (4/ 53). [10] المغني (2/ 554)، أحكام المساجد (2/ 188).
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 76