responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 68
كان كذلك فيمتنع أن تكون الصلاة في غير مسجده، أفضل منها في مسجده، وأن يكون الخلفاء والصفوف الأول كانوا يصلون في غير مسجده، وما بلغني عن أحد من السلف خلاف هذا، لكن رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن الزيادة ليست من مسجده، وما علمت لمن ذكر ذلك سلفًا من العلماء) [1].

الحكم الخامس السلام على من في المسجد
ومن آداب دخول المساجد السلام على من فيه ولو كان يصلي، فإن السلام على المصلي مشروع، كما هو مذهب الجمهور من أهل العلم، وذلك لما ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنت أسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في الصلاة فيرد عليّ فلما رجعنا سلمت عليه فلم يردّ علي، وقال: "إن في الصلاة شغلًا" [2].
وعنه -رضي الله عنه- قال: كنت آتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يصلي فأسلم عليه فيرد علي، فأتيته فسلمت عليه وهو يصلي فلم يردّ عليّ، فلما سلم أشار إلى القوم فقال: "إن الله عز وجل -يعني- أحدث في الصلاة ألا تكلموا إلا بذكر الله وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين" [3].
فهنا وما قبله دليل على جواز السلام على المصلي، فإن ابن مسعود -رضي الله عنه- كان يسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في صلاته، فيرد عليه السلام باللفظ، ولما حرّم الكلام في الصلاة، ورجع المسلمون من الهجرة الثانية إلى الحبشة سلم ابن مسعود -رضي الله عنه- كعادته فلم يرد عليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باللفظ، وإنما رد بالإشارة كما في حديث ابن عمر الآتي قريبًا، وبين أن سبب امتناع الرد باللفظ هو أن المصلي مشغول شغلًا عظيمًا متنوعًا من ذكر وقراءة ودعاء وغير ذلك مما يتعلق بمناجاة الله تعالى التي تستدعي الاستغراق بخدمته، فلا يصلح فيها الاشتغال بغيره، ولو كان السلام على المصلي غير مشروع لبيّنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو بعدم الإشارة في الرد؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلما ثبت الرد بالإشارة وعدم الإنكار علم أن السلام على المصلي مشروع.
وثبت الرد عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإشارة، وذلك فيما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى قباء يصلي فيه، فجاءته الأنصار، فسلموا عليه وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عوف كله، وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره فوق [4].
وورد في السنة صفات أخرى لرد المصلي السلام، ومنها:
الرد بالإشارة بالأصبع، والأظهر أنها السبابة؛ لأنها أيسر؛ ولأن العادة جرت برفعها، وذلك في حديث ابن عمر -أيضًا- عن صهيب قال: مررت برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يصلي فسلمت عليه فردّ علي إشارة، وقال الليث بن سعد -أحد رواته-: لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بإصبعه [5].
قال الشوكاني: (ولا اختلاف بينهما، فيجوز أن يكون أشار بإصبعه مرة ومرة بجميع يده، ويحتمل

[1] الرد على الأخنائي المطبوع بهامش "تلخيص كتاب الاستغاثة" ص (196 - 198).
[2] أخرجه البخاري (1141، 1158)، ومسلم (538)، وأبو داود (3/ 191).
[3] أخرجه أبو داود (3/ 193)، والنسائي (3/ 19)، واللفظ له، وأصله الصحيحين.
[4] أخرجه أبو داود (3/ 195)، والترمذي (2/ 204)، وابن ماجه (1/ 324)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[5] أخرجه أبو داود (3/ 194)، والترمذي (2/ 363)، والنسائي (3/ 5)، وحسنه الترمذي.
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست