اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 50
مغفرة الذنوب واستجابة الدعاء! وهذا فضل من الله ونعمة [1].
وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين" [2].
وظاهر قوله في الحديث المتقدم: "إذا أمّن الإمام فأمّنوا" أن تأمين المأموم يتأخر عن تأمين الإمام؛ لأنه رتب عليه بالفاء، لكن حديث "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين" يدل على اقتران تأمين المأموم بتأمين الإمام، ليقارن تأمين الملائكة في السماء، وذلك لأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه، فلذلك لا يتأخر عنه، ويكون معنى قوله: "إذا أمّن الإمام فأمّنوا" أي: إذا شرع في التأمين، وهذا قول الجمهور.
ويؤيد ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" [3]. فعلل باقتران تأمين الإمام والملائكة.
ولذا قال العلماء: لا تستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير التأمين، والله أعلم [4].
الصلاة بخشوع:
اعلم أن الله تعالى أثنى في كتابه العظيم على الخاشعين في صلاتهم. ووعدهم أجرًا عظيمًا فقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [1] الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [2] وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [3] وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [4] وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [5] إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [6] فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: [1] - 11].
ولقد بين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أثر الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها؛ فقال -عليه الصلاة والسلام- في بيان فضل الوضوء وثوابه: "فإن هو قام، وصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو أهله، وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه" [5].
وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها" [6].
وإن هذا وغيره يحمل المسلم على أن يخشع في صلاته ويقبل على الله تعالى، محاولًا قدر استطاعته التجرد عن كل ما يشغله ويحول بينه وبين الخشوع. يقول ابن كثير -رحمه الله-: ( .. والخشوع في [1] المصدر السابق (2/ 266). [2] أخرجه ابن ماجه (1/ 278)، بإسناد صحيح، كما في "الزوائد" للبوصيري (1/ 176)، وأخرجه ابن خزيمة (1/ 288). [3] أخرجه أحمد (13/ 95)، والنسائي (2/ 144)، وإسناده صحيح. [4] انظر: فتح الباري لابن رجب (7/ 91)، ولابن حجر (2/ 262). [5] هذا جزء من حديث طويل، أخرجه مسلم عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- (832). [6] أخرجه أبو داود (3/ 3)، والنسائي في "الكبرى" (1/ 211)، وسنده حسن. صحيح الجامع (2/ 65).
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 50