اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 26
أحكام وآداب الحضور إلى المساجد (1)
إن الصلاة جماعة في بيوت الله تعالى من واجبات الدين، وسنن الهدي. يجتمع للمصلي فيها شرف المناجاة لله تعالى، وشرف العبادة، وشرف البقعة. ولقد رتب الإسلام على حضور المساجد أجرًا عظيمًا تحدثت عنه نصوص كثيرة.
وإذا كان حضور الجماعة بهذه المنزلة، فإنه يجب على قاصد المسجد لأداء هذه العبادة العظيمة أن يتحلى بأشرف الصفات، وأحسن الخصال، مما ورد في أحكام حضور المساجد مما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ تأدبًا مع الله تعالى، واحترامًا للبقعة، ومراعاة لإخوانه المصلين، وتطبيقًا للسنة. وإن من الملاحظ أن كثيرًا ممن يقصدون المساجد لأداء الصلاة يخلون بأشياء كثيرة تتعلق بالمساجد، سواء قبل دخولها أو بعد دخولها. فهناك أخطاء، وهناك مخالفات، وهذا يرجع -في نظري- إلى سببين:
الأول: ضعف الإيمان عند جمع من الناس مما أدى إلى الجهل بأحكام كثيرة تتعلق بالمساجد، أو العلم بها مع الزهد فيها والرغبة عن العمل بها. وإن الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به أمر جدّ خطر، وقد ورد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "إن الله يبغض كلّ عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة" [2]. وإني أخشى أن يكون التساهل بأحكام المساجد تساهلًا بالصلاة ذاتها.
السبب الثاني: تحول هذه العبادة العظيمة -وهي الصلاة- إلى عادة عند كثير من الناس؛ تجد أن الذاهب إلى المسجد كالذاهب إلى مكان آخر، لا يجد فرقًا بين الاتجاهين، إن لم يهتم للثاني أكثر من الأول.
إن الصلاة التي كانت قرة عيون المؤمنين، ومعراج المتقين، أصبحت عند كثير من المصلين عبارة عن حركات منظمة تفتقد الخشوع والطمأنينة والإقبال الحقيقي على مالك يوم الدين. وأنَّى لصلاة كهذه أن تنهي عن الفحشاء والمنكر، فتؤدي وظيفتها في حياة الناس وسلوكهم .. ! إن مرتكب الكبائر يجلس في المسجد ويتلو آيات الله، فتمر عليه آيات الربا، وآيات الأمر باتباع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وغيرها، دون أن تهزّ من نفسه أو تنبه شعوره!! [3].
أقول: لهذين السببين وغيرهما رغبت في جمع ما حضرني من أحكام حضور المساجد وآدابه في بحث مستقل؛ حرصًا على إحياء السنة، وتذكير الناس بما غفلوا عنه، وحثًا على العمل بها، كما هو شأن السلف الصالح من هذه الأمة.
المسجد، وفضل بنائه، وما ينبغي فيه
المسجد لغة: على وزن (مَفْعِل) -بكسر العين-: اسم لمكان السجود، وبالفتح: اسم للمصدر.
قال في "الصحاح": (المسجد بالفتح: جبهة الرجل حيث يصيبه ندب السجود. والمسْجِد
(1) من كتاب أحكام الحضور إلى المساجد للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان. [2] هنا جزء من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (1/ 273)، والبيهقي (10/ 194)، وهو حديث صحيح. انظر الصحيحة للألباني (195). [3] في مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثاني، ص (185)، مقال جيد، في موضوع: تحول العبادات إلى عادات، للدكتور
محمد أبي الفتح البيانوني.
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 26