responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 212
عندكم من الله فيه برهان" [1].
وعلى هذا فيكون تركهم للصلاة الذي علق عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, منابذتهم وقتالهم بالسيف كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان.
ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه مؤمن, وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد, شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, وثواب ذلك, وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع معها أن يترك الصلاة, وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسان فيها بترك الصلاة, وإما عامة فتحمل على أدلة كفر تارك الصلاة؛ لأن أدلة كفر تارك الصلاة خاصة, والخاص مقدم على العام.
فإن قال قائل: ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحدًا لوجوبها؟
قلنا: لا يجوز ذلك لأن فيه محذورين:
الأول: إلغاء الوصف الذي اعتبره الشارع وعلق الحكم به.
فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود ورتب الأخوة في الدين على إقام الصلاة, دون الإقرار بوجوبها, فلم يقل الله تعالى: فإن تابوا وأقروا بوجوب الصلاة, ولم يقل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بين الرجل وبين الشرك والكفر جحد وجوب الصلاة. أوالعهد الذي بيننا وبينهم الإقرار بوجوب الصلاة, فمن جحد وجوبها فقد كفر.
ولو كان هذا مراد الله تعالى ورسوله لكان العدول عنه خلاف البيان الذي جاء به القرآن الكريم, قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: من الآية 89]. وقال تعالى مخاطبًا نبيه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} [النحل: من الآية 44].
الثاني: اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطًا للحكم:
فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعذر بجهله فيه سواء صلى أم ترك.
فلوا صلى شخص الصلوات الخمس وأتى بكل ما يعتبر لها من شروط, وأركان, وواجبات, ومستحبات, لكنه جاحد لوجوبها بدون عذر له فيه لكان كافرًا مع أنه لم يتركها.
فتبين بذلك أن حمل النصوص على من ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها غير صحيح, وأن الحق أن تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجًا عن الملة, كما جاء ذلك صريحًا فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه, قال: أوصانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشركوا بالله شيئًا, ولا تتركوا الصلاة عمدًا, فمن تركها عمدًا متعمدًا فقد خرج من الملة".
وأيضًا فإننا لو حملناه على ترك الجحود لم يكن لتخصيص الصلاة في النصوص فائدة، فإن هذا الحكم عام في الزكاة, والصيام, والحج, فمن ترك منها واحدًا جاحدًا لوجوبه كفر إن كان غير معذور بجهل.
وكما أن كفر تارك الصلاة مقتضى الدليل السمعي الأثري, فهو مقتضى الدليل العقلي النظري.

[1] رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سترون بعدي أمورًا تنكرونها" (7055، 7056) ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، (1709 م).
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست