اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 16
تحط به علمًا منها أعلى وأعظم وأكبر وإنما هذا يسير من كثير منها.
فلما قضى صلاته وأكملها ولم يبق إلا الانصراف منها، فشرع الجلوس في آخرها بين يدي ربه مُثنيًا عليه بما هو أهله، فأفضل ما يقول العبد في جلوسه هذه التحيات التي لا تصلح إلا لله، ولا تليق بغيره.
ولما كان من عادة الملوك أن يحيوا بأنواع التحيات من الأفعال والأقوال المتضمنة للخضوع لهم، والذل، والثناء عليهم وطلب البقاء، والدوام لهم، وأن يدوم ملكهم.
فمنهم: من يحيي بالسجود ومنهم من يحيي بالثناء عليه.
ومنهم: من يحيي بطلب البقاء، والدوام له.
ومنهم: من يجمع له ذلك كله فيسجد له، ثم يثني عليه، ثم يدعي له بالبقاء والدوام.
وكان الملك الحق المبين، الذي كل شيء هالك إلا وجهه سبحانه أولى بالتحيات كلها من جميع خلقه، وهي له بالحقيقة وهو أهلها؛ ولهذا فُسرت التحيات بالملك، وفسرت بالبقاء والدوام، وحقيقتها ما ذكرته، وهي تحيات المُلك والمَلك والمليك.
فالله سبحانه هو المتصف بجميع ذلك، فهو أولى به فهو سبحانه المَلك، وله المُلك، فكل تحية تحيي بها ملك من سجود أو ثناء، أو بقاء، أو دوام فهي لله على الحقيقة؛ ولهذا أتى بها مجموعة معرفة بالألف واللام إرادة للعموم، وهي جمع تحية، تحيا بها الملوك، وهي "تُفعُلة" من الحياة، وأصلها "تحييه" على وزن "تكرمه"، ثم أدغم إحدى اليائين في الآخر فصارت "تحيَّة" فإذا كان أصلها من الحياة، والمطلوب منها لمن تحي بها دوام الحياة، كما كانوا يقولون لملوكهم:
لك الحياة الباقية، ولك الحياة الدائمة.
وبعضهم يقول: عش عشرة آلاف سنة.
واشتق منها: أدام الله أيامك أو أيامه، وأطال الله بقاءك.
ونحو ذلك مما يراد به دوام الحياة والملك، فذلك جميعه لا ينبغي إلا لله الحي القيوم الذي لا يموت.
الذي كل مَلكٍ سواه يموت، وكل مُلك سوى ملكه زائل.
ثم عطف عليها الصلوات بلفظ الجمع والتعريف؛ ليشمل ذلك كلما أُطلق عليه لفظ الصلاة خصوصًا وعمومًا، فكلّها لله ولا تنبغي إلا له، فالتحيات له ملكًا، والصلوات له عبودية واستحقاقًا، فالتحيات لا تكون إلا لله، والصلوات لا تنبغي إلا له.
ثم عطف عليها بالطيبات، وهذا يتناول أمرين: الوصف والملك.
فأما الوصفُ: فإنه سبحانه طيب، وكلامه طيب، وفعله كله طيب، ولا يصدر منه إلا طيب، ولا يضاف إليه إلا الطيب، ولا يصعد إليه إلا الطيب.
فالطيبات له وصفًا وفعلًا وقولًا ونسبةً، وكلّ طيب مضاف إليه طيب، فله الكلمات الطيبات والأفعال، وكل مضاف إليه كبيته وعبده، وروحه وناقته، وجنته دار الطيبين، فهي طيبات كلّها، وأيضًا فمعاني الكلمات الطيبات لله وحده، فإنها تتضمن تسبيحه، وتحميده، وتكبيره، وتمجيده، والثناء عليه بآلائه وأوصافه؛ فهذه الكلمات الطيبات التي يثنى عليه بها، ومعانيها له وحده لا شريك له: كسبحانك اللهمَّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.
وكسبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وسبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم، ونحو ذلك. وكلّ طيّب له وعنده ومنه وإليه، وهو طيب
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 16