اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 131
ربط ثمامة بن أثال -رضي الله عنه- في المسجد [1] وكذا قصة سعد بن معاذ -رضي الله عنه- عندما وضع له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيمة في المسجد يعوده من قريب بعد ما أصيب في غزوة الخندق [2].
فهذا كله يدل على جواز الأكل في المسجد، إذ لم يشتهر عند الصحابة -رضي الله عنهم- منع الأكل في المسجد، والأصل أنه مباح، فكيف إذا تأيد هذا الأصل بأدلة قوية؟! [3]. وينبغي للآكل في المسجد أن يضع سفرة ونحوها تقع عليها فضلات الأكل، لئلا تلوث المسجد، أو يتناثر شيء من الطعام فتتجمع عليه الهوام [4]. والله أعلم.
أحكام حضور الجمعة
فضل يوم الجمعة، والتحذير من التهاون بالصلاة
يوم الجمعة من أفضل الأيام عند الله تعالى، ادخره الله لهذه الأمة؛ لشرفها وكرمها على الله تعالى، وفيه من الفضائل وله من الخصائص ما جعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعظمه ويخصه بعبادات ليست لغيره.
وقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "نحن الآخرون ونحن السابقون يوم الجمعة، بيد أن كل أمة أوتيت الكتاب من قبلنا وأوتياه من بعدهم، ثم هذا اليوم الذي كتبه الله علينا هدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدًا، والنصارى بعد غد" [5].
وعنه -أيضًا رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" [6]. وإذا كان الله تعالى فضلنا على سائر الأمم بهذا اليوم الفضيل، فعلينا أن نشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة التي منّ بها علينا زيادة في ثوابنا ورفعة لدرجاتنا، ومن شكره أن نهتم بهذا اليوم، وأن نستشعر هذه النعمة، وذلك بأن نخص هذا اليوم بمزيد عناية، وأن نجاهد أنفسنا بالطاعة، وأن نتأدب بالآداب الواردة في نصوص الشريعة والتي جاء تقييد الثواب والمغفرة بالتحلي بها.
وإن من فضل الله على عباده كثرة طرق الخيرات وتنوع سبل الطاعات؛ ليدوم نشاط المسلم، ويبقى ملازمًا لخدمة مولاه.
يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- في ذكر خصائص يوم الجمعة: (الثالثة والعشرون: أنه اليوم الذي يستحب أن يتفرّغ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مزية بأنواع من العبادات واجبة ومستحبة، فالله سبحانه جعل لأهل كل ملة يومًا يتفرغون فيه للعبادة ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا، فيوم الجمعة يوم عبادة، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان، ولهذا من صح له يوم جمعته وسلم سلمت له سائر جمعته، ومن صح له رمضان وسلم سلمت له سائر سنته، ومن صحت له حجته وسلمت له صح له سائر عمره. فيوم الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضان ميزان العام، والحج ميزان العمر، وبالله التوفيق) [7]. [1] أخرجه البخاري (4375) ومسلم (1764) في حديث طويل. [2] انظر: صحيح البحارى (1/ 556 فتح). [3] انظر: أحكام المساجد (3/ 158). [4] انظر: إعلام الساجد ص (329). [5] أخرجه البخاري (836)، ومسلم (855). [6] أخرجه مسلم (854). [7] زاد المعاد (1/ 398).
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 131