اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 116
التنفل بوتر غير الوتر، فكان زيادة ركعة أولى من نقصانها؛ لئلا يفارق إمامه قبل إتمام صلاته). اهـ [1].
وفي هذه المفارقة مخالفة لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه" [2]، قال ابن أبي شيبة في مصنفه: (باب من قال: إذا أعدت المغرب فاشفع بركعة)، وذكر آثارًا عن السلف، منها: عن علي -رضي الله عنه- قال: يشفع بركعة. يعني: إذا أعاد المغرب [3].
ولو قال قائل إنه يصلي معهم المغرب، ولا يلزم أن يزيد عليها ركعة؛ لعموم الأدلة في هذه المسألة؛ لما كان ذلك بعيدًا، لكنه مبني على صحة التطوع بوتر، والله أعلم.
الحكم العشرون اختلاف نية الإمام والمأموم
من أحكام دخول المسجد التي ينبغي العلم بها أنه لا يشترط اتحاد نية الإمام والمأموم، وأن اختلاف نية الإمام عن المأموم لا يمنع صحة الاقتداء، فالمفترض يأتم بالمتنفل، والمتنفل يأتم بالمفترض، والمفترض يقتدي بمفترض آخر، فهذه ثلاث حالات:
فالأولى: كما لو دخل إنسان المسجد، والإمام يصلي التراويح، فله أن يصلي العشاء خلفه ركعتين، ثم يقوم فيتم ركعتين، وهذا قول الإمام الشافعي وأصحابه، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، رحم الله الجميع [4]، وذلك لما ورد عن جابر -رضي الله عنه-: أن معاذًا -رضي الله عنه- كان يصلي مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه، فيصلي بهم تلك الصلاة [5].
كما يدل على ذلك -أيضًا- أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى بالطائفة الثانية صلاة الخوف، وهي له نافلة، فإنه صلى بطائفة وسلم، ثم صلى بطائفة أخرى وسلم [6].
وأما حديث "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه" [7]، فلا دليل فيه على عدم الجواز؛ لأنه محمول على الاختلاف في الأفعال الظاهرة؛ لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسّره بذلك، كما في تمام الحديث، وعلى تقدير أنه عام في اختلاف النيات والأفعال الظاهرة، فهو مخصوص بمثل حديث جابر المذكور، ولا تعارض بين العام والخاص.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (والذين منعوا ذلك ليس لهم حجة مستقيمة، فإنهم احتجوا بلفظ لا يدل على محل النزاع، كقوله: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه"، وبأن "الإمام ضامن"، فلا كون صلاته أنقص من صلاة المأموم، وليس في هذين الحديثين ما يدفع تلك الحجج، والاختلاف المراد به الاختلاف في الأفعال كما جاء مفسرًا ... ).
وقال -أيضًا-: (فقد ثبت صلاة المتنفل خلف المفترض في عدة أحاديث، وثبت أيضًا بالعكس، [1] المغني (2/ 521). [2] أخرجه البخاري (689) ومسلم (414). [3] المصنف (2/ 276). [4] المجموع شرح المهذب (4/ 269)، والمغني (3/ 67)، ومجموع الفتاوى (23/ 386). [5] رواه البخاري (668)، ومسلم (465). وانظر: فتاوى ابن باز (12/ 181). [6] رواه أبو داود (4/ 126)، والنسائي (3/ 178)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1/ 232)، وانظر كلام ابن القيم عليه في تهذيب السنن (4/ 126) بهامش عون المعبود. [7] تقدم تخريجه.
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 116