اسم الکتاب : الحجاب في الشرع والفطرة المؤلف : الطريفي، عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 20
فتجِدُ أنَّ الانحرافَ عن الفطرةِ لا يكونُ في جيلٍ واحدٍ؛ بل في أجيالٍ، وربما قُرونٍ، وأمَّا الشريعةُ فيمكِنُ أن تتغيَّرَ في عِقْدٍ أو عِقْدَيْنِ أو ثلاثةٍ، ورُبَّما أقَلّ، بحسبِ قوَّةِ براهينِ التبديلِ، فالتعرِّي لا يمكِنُ أن يتوغَّلَ في بلدٍ نَشَأَ على الفطرةِ والعفافِ والحياءِ والسترِ، إلا بعقودٍ أو قرنٍ أو أكثَرَ؛ لأنَّ الإنسانَ مخلوقٌ عليها، وممزوجٌ فطرةً بها؛ لهذا سمَّى اللهُ فِطْرتَهُ الصحيحةَ صِبْغةً؛ كما في قولِه: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138].
وإذا تغيَّرتِ الفطرةُ وانحرَفَتْ، فرجوعُها إلى أصلِها أسهلُ مِن خروجِها منه، ولكنَّه شاقٌّ، فيصعُبُ أن يقتنِعَ إنسانٌ حَيِيٌّ محتشِمٌ، فيتعَرَّى في يومٍ ولو أُقْنِعَ بأدلةٍ بصحةِ التعرِّي، ولن يقدِرَ على الاستجابةِ مرةً واحدةً، حتى يتدرَّجَ، ولكنْ لو أقنَعْتَ مَن يتعَرَّى بأدلةِ السترِ والحجابِ، يسهُلُ عليه أن يستتِرَ ويستجيبَ مرةً واحدةً، ولو كانت درجةُ الإقناعِ واحدةً عندَهما جميعاً؛ لأنَّ الأولَ يخرُجُ مِن الفطرةِ الصحيحةِ، والثانيَ يعودُ إليها، والأصلُ الفطريُّ غلَّابٌ جذَّاب، ولو دُلِّسَ على العقلِ بالأدلَّةِ.