responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام الأسرى المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 57
مِنْ نَاحِيَةِ رَمْيِ التُّرْسِ: يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ خَطَرٌ مُحَقَّقٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرَّمْيُ بِرَغْمِ التَّتَرُّسِ، لأَِنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ بِالذَّبِّ عَنْ بَيْضَةِ الإِْسْلاَمِ، وَقَتْل الأَْسِيرِ ضَرَرٌ خَاصٌّ. وَيُقْصَدُ عِنْدَ الرَّمْيِ الْكُفَّارُ لاَ التُّرْسُ، لأَِنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ فِعْلاً فَقَدْ أَمْكَنَ قَصْدًا، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ الْقَوْل لِلرَّامِي بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ الْكُفَّارَ، وَلَيْسَ قَوْل وَلِيِّ الْمَقْتُول الَّذِي يَدَّعِي الْعَمْدَ. (1)
أَمَّا فِي حَالَةِ خَوْفِ وُقُوعِ الضَّرَرِ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَمْيُهُمْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا حَالَةُ ضَرُورَةٍ أَيْضًا، وَتَسْقُطُ حُرْمَةُ التُّرْسِ.
وَيَقُول الصَّاوِيُّ الْمَالِكِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَتَرَّسُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَجُوزُ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْخَوْفِ لاَ يُبِيحُ الدَّمَ الْمَعْصُومَ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَانَ الْخَوْفُ عَلَى بَعْضِ الْغَازِينَ فَقَطْ. (2)
وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْحِصَارِ الَّذِي لاَ خَطَرَ فِيهِ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ لاَ يُقْدَرُ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ إِلاَّ بِرَمْيِ التُّرْسِ، فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ، وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الْمَنْعِ، لأَِنَّ الإِْقْدَامَ عَلَى قَتْل الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وَتَرْكُ قَتْل الْكَافِرِ جَائِزٌ. أَلاَ يُرَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَلاَّ يَقْتُل الأُْسَارَى لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ مُرَاعَاةُ جَانِبِ الْمُسْلِمِ أَوْلَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلأَِنَّ مَفْسَدَةَ قَتْل الْمُسْلِمِ فَوْقَ مَصْلَحَةِ قَتْل الْكَافِرِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى جَوَازِ رَمْيِهِمْ، وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ، وَأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُو حِصْنٌ عَنْ مُسْلِمٍ، وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيل الضَّرُورَةِ. (3)

(1) - فتح القدير والعناية 4/ 287،والبدائع 7/ 100،101،وحاشية ابن عابدين 3/ 623،وحاشية الدسوقي 2/ 178،والشرح الصغير وبلغة السالك عليه 1/ 357،ومنهج الطلاب وشرحه فتح الوهاب 1/ 172،وحاشية الجمل 5/ 124،والأحكام السلطانية للماوردي ص 42 الطبعة الأولى لمصطفى الحلبي، والأم 4/ 163،والمغني 10/ 505،والإنصاف 4/ 129.
(2) - الوجيز 2/ 190 ط 1317 هـ، والشرح الصغير وبلغة السالك 1/ 357 ط مصطفى الحلبي.
(3) - المراجع السابقة.
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام الأسرى المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست