responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 80
وَأَمَّا مَنْ سَكَنَ فِي أَرْضِ الْقَرَامِطَةِ مُخْتَارًا فَكَافِرٌ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّهُمْ مُعْلِنُونَ بِالْكُفْرِ وَتَرْكِ الْإِسْلَامِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَنْ سَكَنَ فِي بَلَدٍ تَظْهَرُ فِيهِ بَعْضُ الْأَهْوَاءِ الْمُخْرِجَةِ إلَى الْكُفْرِ، فَهُوَ لَيْسَ بِكَافِرٍ، لِأَنَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ هُوَ الظَّاهِرُ هُنَالِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مِنْ التَّوْحِيدِ، وَالْإِقْرَارِ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ دِينٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ الَّتِي هِيَ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ» يُبَيِّنُ مَا قُلْنَاهُ، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ دَارَ الْحَرْبِ، وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَعْمَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عُمَّالَهُ عَلَى خَيْبَرَ، وَهُمْ كُلُّهُمْ يَهُودُ.
وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي مَدَائِنِهِمْ لَا يُمَازِجُهُمْ غَيْرُهُمْ فَلَا يُسَمَّى السَّاكِنُ فِيهِمْ - لِإِمَارَةٍ عَلَيْهِمْ، أَوْ لِتِجَارَةٍ - بَيْنَهُمْ: كَافِرًا، وَلَا مُسِيئًا، بَلْ هُوَ مُسْلِمٌ حَسَنٌ، وَدَارُهُمْ دَارُ إسْلَامٍ، لَا دَارُ شِرْكٍ، لِأَنَّ الدَّارَ إنَّمَا تُنْسَبُ لِلْغَالِبِ عَلَيْهَا، وَالْحَاكِمُ فِيهَا، وَالْمَالِكُ لَهَا.
وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا مُجَاهِدًا غَلَبَ عَلَى دَارٍ مِنْ دُورِ الْإِسْلَامِ، وَأَقَرَّ الْمُسْلِمِينَ بِهَا عَلَى حَالِهِمْ، إلَّا أَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ لَهَا، الْمُنْفَرِدُ بِنَفْسِهِ فِي ضَبْطِهَا، وَهُوَ مُعْلِنٌ بِدِينٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ لَكَفَرَ بِالْبَقَاءِ مَعَهُ كُلُّ مَنْ عَاوَنَهُ، وَأَقَامَ مَعَهُ - وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ - لِمَا ذَكَرْنَا.] (1)
وقوله: (كافراً مجاهداً) لعلها في الأصل (مجاهراً) كما نبه على ذلك غير واحد من أهل العلم.
وهذا يبين لك أن ظهور الكفر وإعلانه والمجاهرة بالبراءة من الإسلام وشرائعه له تأثير كبير في الحكم على أعيان الناس لا سيما مع شيوع الجهل وانتشار التلبيس، فالحال يختلف من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن حتى في البلد الواحد كما فرق بعض علماء المالكية في حق المقيمين تحت دولة العبيدين بين أول أمرهم حيث لم تظهر حقيقتهم للناس وبين حال انكشافها وبروزها آخراً، فقد سأل أبو محمد الكراني من علماء القيروان عمن أكرهه بنو عبيد على الدخول في دعوتهم أو يُقتل؟ قال: [يختار القتل، ولا يعذر أحد بهذا، إلا من كان

(1) - المحلى بالآثار (12/ 126)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست