اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 77
الثاني: أن مظاهرة الكفار على المسلمين، وإعانتهم عليهم بأي نوع من أنواع الإعانة - ومنها التجسس بنقل العورات لهم- كفرٌ أكبر مخرجٌ من الملة، وصاحب هذه المظاهرة مرتكبٌ لناقض من نواقض الإسلام.
الثالث: وعلى هذا فالتجسس للكفار على المسلمين بالبحث عن عوراتهم لإيصالها إليهم -تحت أية ذريعة- كفرٌ وردةٌ عن دين الله تعالى، وهما والإيمان لا يجتمعان في موطن إلا كما يجتمع الماء والنار، فكل من تلبس بهذه المهنة الخسيسة حسب تعريفها الذي ذكرناه أول البحث، فإنه بذلك قد صار ظهيراً للكافرين على المؤمنين، ومحارباً لدين الله تعالى الذي يدعي الانتساب إليه، ومَن فعل ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وصار كافراً مرتداً خارجاً عن الملة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)} [النساء]
ومعلومٌ أن من أخص صفات المنافقين تقليب صفاتهم حسب الأحوال كما قال عز وجل: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة:14] فهم متظاهرون بالإيمان مع أهل الإيمان، ومُطَمْئِنون للكفار إن لقوهم واجتمعوا بهم، وهم مع ذلك لا يدخرون وسعاً في البحث عن مداخل الإضرار بالمسلمين، ونقل أخبارهم إلى شياطينهم الكفرة، وهو من أعظم الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27].
قال الإمام ابن جرير -رحمه الله- في هذه الآية: [يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ {لَا تَخُونُوا اللَّهَ} [الأنفال:27]
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 77