اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 149
مع نظائر له في «الصارم المسلول، على شاتم الرسول» كقتل الذي يتعرض لحرمه أو يسبه ونحو ذلك، وكما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل المفرق بين جماعة المسلمين لما فيه من تفريق الجماعة. ومن هذا الباب قتل الجاسوس المسلم الذي يخبر العدو بعورات المسلمين. ومنه الذي يكذب بلسانه أو خطه أو يأمر بذلك حتى يقتل به أعيان الأمة: علماؤها وأمراؤها، فيحصل بكذبه أنواع كثيرة من الفساد، فهذا متى لم يندفع فساده إلا بقتله فلا ريب في قتله، وإن جاز أن يندفع وجاز ألا يندفع قتل أيضًا.] (1)
وإذا كان العلماء قد ذكروا أن الربيئة من قطاع الطرق يتعين قتلهم مع أنه لم يباشر القتل أصلاً، وإنما لكونه عينهم وجاسوسهم وراصدهم الذي يعينهم في قتالهم بإخبارهم من يأتي، لهم مما يؤدي لدوام شرهم وظلمهم، والربيئة: هو الذي يقف على مكان عالٍ لينظر للمحاربين من يجيء، أوَليس هؤلاء الجواسيس المعينون (للمحاربين لله ولرسوله وللمؤمنين) أولى بأن يستحقوا هذه العقوبة، فإن مباشرتهم للفعل ألصق وأظهر من أولئك، وضررهم أعم وأوسع، ومهنتهم أشنع وأبشع، فهم جزءٌ من الطائفة التي يعينونها ويترصدون لها ويمدونها بمعلوماتهم التي يجمعونها بل ويشاركونها مشاركة مباشرة في جرائمهم، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: [وَإِذَا كَانَ الْمُحَارِبُونَ الْحَرَامِيَّةُ جَمَاعَةً فَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ بَاشَرَ الْقَتْلَ بِنَفْسِهِ وَالْبَاقُونَ لَهُ أَعْوَانٌ وَرَدَّهُ لَهُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُقْتَلُ الْمُبَاشِرُ فَقَطْ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْجَمِيعَ يُقْتَلُونَ وَلَوْ كَانُوا مِائَةً وَأَنَّ الرِّدَّةَ وَالْمُبَاشِرَ سَوَاءٌ وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ رَبِيئَةَ الْمُحَارِبِينَ. وَالرَّبِيئَةُ هُوَ النَّاظِرُ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى مَكَانٍ عَالٍ يَنْظُرُ مِنْهُ لَهُمْ مَنْ يَجِيءُ. وَلِأَنَّ الْمُبَاشِرَ إنَّمَا تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِ بِقُوَّةِ الرَّدْءِ وَمَعُونَتِهِ. وَالطَّائِفَة إذَا انْتَصَرَ بَعْضُهَا بِبَعْضِ حَتَّى صَارُوا مُمْتَنِعِينَ فَهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَالْمُجَاهِدِينَ.] (2)
وعليه فخلاصة القول في هذا القسم من الجواسيس: أن مَن ثبت عليه إعانة الكفار على المسلمين بنقل أخبارهم إليهم جرى عليه حكمُ الزنديق في القتل، فإن جاء تائباً من عند
(1) - الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 532) والمستدرك على مجموع الفتاوى (5/ 115)
(2) - مجموع الفتاوى (28/ 311)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 149