responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام دفع الصائل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 56
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ البَصَرِ». (1)
وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ مُعْتَدٍ بِنَظَرِهِ فَيُدْفَعُ كَمَا يُدْفَعُ سَائِرُ الْبُغَاةِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوا لَدُفِعَ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ. وَلَمْ يَجُزْ قَلْعُ عَيْنِهِ ابْتِدَاءً إذَا لَمْ يَذْهَبْ إلَّا بِذَلِكَ وَالنُّصُوصُ تُخَالِفُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ أَبَاحَ أَنْ تَخْذِفَهُ حَتَّى تَفْقَأَ عَيْنَهُ قَبْلَ أَمْرِهِ بِالِانْصِرَافِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {لَوْ أَعْلَمُ أَنَّك تُنْظِرُنِي لَطَعَنْت بِهِ فِي عَيْنِك} فَجَعَلَ نَفْسَ النَّظَرِ مُبِيحًا لِلطَّعْنِ فِي الْعَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَمْرَ لَهُ بِالِانْصِرَافِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُعَاقَبَةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ جَنَى هَذِهِ الْجِنَايَةَ عَلَى حُرْمَةِ صَاحِبِ الْبَيْتِ فَلَهُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ بِالْحَصَى وَالْمِدْرَى. (2)
وقال ابن القيم رحمه الله:" فَرُدَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ بِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُصُولِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَبَاحَ قَلْعَ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ، لَا بِجِنَايَةِ النَّظَرِ، وَلِهَذَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ اسْتَمَعَ عَلَيْهِ بِإِذْنِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْطَعَ أُذُنَهُ، فَيُقَالُ: بَلْ هَذِهِ السُّنَنُ مِنْ أَعْظَمِ الْأُصُولِ؛ فَمَا خَالَفَهُمَا فَهُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ، وَقَوْلُكُمْ:" إنَّمَا شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْذَ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ " فَهَذَا حَقٌّ فِي الْقِصَاصِ، وَأَمَّا الْعُضْوُ الْجَانِي الْمُتَعَدِّي الَّذِي لَا يُمْكِنُ دَفْعُ ضَرَرِهِ وَعُدْوَانِهِ إلَّا بِرَمْيِهِ، فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تَتَنَاوَلُهُ نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، وَالسُّنَّةُ جَاءَتْ بِبَيَانِ حُكْمِهِ بَيَانًا ابْتِدَائِيًّا لِمَا سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ، لَا مُخَالِفًا لِمَا حَكَمَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَهَذَا اسْمٌ آخَرُ غَيْرُ فَقْءِ الْعَيْنِ قِصَاصًا، وَغَيْرُ دَفْعِ الصَّائِلِ الَّذِي يُدْفَعُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ دَفْعُ ضَرَرِ صِيَالِهِ، فَإِذَا انْدَفَعَ بِالْعَصَا لَمْ يُدْفَعْ بِالسَّيْفِ.
وَأَمَّا هَذَا الْمُتَعَدِّي بِالنَّظَرِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ وَالْخَتْلِ؛ فَهُوَ قِسْمٌ آخَرُ غَيْرُ الْجَانِي وَغَيْرُ الصَّائِلِ الَّذِي لَمْ يَتَحَقَّقْ عُدْوَانُهُ، وَلَا يَقَعُ هَذَا غَالِبًا إلَّا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ وَعَدَمِ مُشَاهَدَةِ غَيْرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ؛ فَلَوْ كُلِّفَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ

(1) - صحيح البخاري (9/ 10) (6901) وصحيح مسلم (3/ 1698) 40 - (2156)
[ش (تنتظرني) تنظرني. (من قبل البصر) بسبب النظر إلى البيوت لئلا يطلع على عورة أهلها]
(2) - مجموع الفتاوى (15/ 379)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام دفع الصائل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست