responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام دفع الصائل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 53
فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ أَوْ هُوَ مَشْغُولٌ بِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ أَوْ قَامَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ. (1)
-------------

يجوز للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الدفاع عن نفسه ما يضره:
لَكِنْ لِلْآمِرِ النَّاهِي أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَضُرُّهُ كَمَا يَدْفَعُ الْإِنْسَانُ عَنْ نَفْسِهِ الصَّائِلَ فَإِذَا أَرَادَ الْمَأْمُورُ الْمَنْهِيُّ ضَرْبَهُ أَوْ أَخْذَ مَالِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْهُ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْأَذَى وَتَابَ مِنْهُ؛ فَإِنَّ هَذَا مَقَامَ الصَّبْرِ وَالْحِلْمِ وَالْكَمَالُ فِي هَذَا الْبَابِ حَالُ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (2)
فَقَدْ تَضَمَّنَ خُلُقُهُ الْعَظِيمُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ إذَا نِيلَ مِنْهُ وَإِذَا اُنْتُهِكَتْ مَحَارِمُ اللَّهِ لَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَقِمَ لِلَّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَذَى الرَّسُولِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّ مَنْ آذَاهُ فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَقَتْلُ سَابِّهِ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّهُ قُتِلَ لِكَوْنِهِ رِدَّةً أَوْ لِكَوْنِهِ رِدَّةً مُغَلَّظَةً أَوَجَبَتْ أَنْ صَارَ قَتْلُ السَّابِّ حَدًّا مِنَ الْحُدُودِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي احْتِمَالِهِ وَعَفْوِهِ عَمَّنْ كَانَ يُؤْذِيهِ كَثِيرٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:109].
فَالْآمِرُ النَّاهِي إذَا أُوذِيَ وَكَانَ أَذَاهُ تَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللَّهِ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ النَّهْيُ عَنْهُ وَصَاحِبُهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ؛ لَكِنْ لَمَّا دَخَلَ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَانَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقَاذِفِ وَالْقَاتِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَعَفْوُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ عَنْ ذَلِكَ الْعُقُوبَةَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ؛ لَكِنْ يُكْمِلُ لِهَذَا الْآمِرِ النَّاهِي مَقَامَ الصَّبْرِ وَالْعَفْوِ الَّذِي شَرَعَ اللَّهُ

(1) - مجموع الفتاوى (19/ 52)
(2) - صحيح مسلم (4/ 1814) 79 - (2328) وصحيح البخاري (8/ 30) 6126
[ش (نيل منه) أي أصيب بأذى من قول أو فعل (إلا أن ينتهك) استثناء منقطع معناه لكن إذا انتهكت حرمة الله انتصر لله تعالى وانتقم ممن ارتكب ذلك وانتهاك حرمته تعالى هو ارتكاب ما حرمه]
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام دفع الصائل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست