اسم الکتاب : الشفاعة في الحديث النبوي المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 41
المبحث الخامس
حكمة الشفاعة
عرفنا أنّ الشفاعة هي التوسط وطلب الرحمة والمغفرة من قبل العبد لربه على اختلاف عين ذلك العبد. فالعبد ((الشافع)) يقوم بين يدي مولاه -جل جلاله- فيشفع لأهله أو لأمته ... فيقف أمام الملك -جل جلاله- ويتذلل له، فيأذن ملك الملوك له، أو قد ينادي الجبار:- يا فلان: قم فاشفع. أي إن الشافع أيّاً كان- لا يملك من الامر شيئاً، فلا يستطيع أنْ يشفع لأي مخلوق إلا من بعد ان يأذن الله تعالى ويرضى، ((يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً)) [1].
يقول إبن تيمية:- ((والله تعالى وتر لا يشفعه احد، فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه فالامر كله إليه وحده، فلا شريك له بوجه ولهذا ذكر سبحانه نفي ذلك في أية الكرسي التي فيها تقرير التوحيد فقال ((له ما في السماوات وما في الارض مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا بإذنه)) [2] وسيد الشفعاء - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة إذا سجد وحمد ربه، يقال له ((إرفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطى، واشفع تشفع، فيحد له حداً فيدخلهم الجنة)) [3]، فامر كله لله كما قال تعالى: ((قل إن الامر كله لله)) [4]، وقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ((ليس لك من الامر شيء)) [5]، وقال ((ألا له الخلق والامر)) [6]). (7)
وإذا كان ((حقيقة الشفاعة المأذون فيها: انّ الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الأخلاص والتوحيد فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافعين، الذين أذنَ لهم في المشفوع له)) [8] وإذا كان الله -جل جلاله- ((هو الذي جعل هذا يدعو ويشفع، وهو الخالق لأفعال العباد [1] طه /109، وانظر أصول الدين الاسلامي، رشدي عليان، وقحطان الدوري ص 383. [2] البقرة /255. [3] طرف من حديث الشفاعة الطويل، انظر الحديث برقم (11). [4] آل عمران /154. [5] آل عمران /128. [6] الأعراف /54.
(7) الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص99. [8] جلاء العينين في المحاكمة الأحمدين، إبن الآلوسي ص444.
اسم الکتاب : الشفاعة في الحديث النبوي المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 41