اسم الکتاب : الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 201
أفطر وإن عاد فنوى الصوم صح صومه، كما لو أصبح غيرناوٍ للصيام؛ ثم نوى الصيام؛ لأن نية الفطر إنما أبطلت الفرض؛ لما فيه من قطع النية المشترطة في جميع النهار حكماً [1]، وخُلوِّ بعض أجزاء النهار عنها [2]، ولكن تقدم أن المنصوص عن الإمام أحمد أن ثواب صوم التطوع يبدأ من النية [3]،وينبغي للصائم أن لا يتردَّد في نية الصوم بل يكون بنية جازمة [4]. [1] قال المرداوي رحمه الله: ((تنبيه: معنى قولهم: من نوى الإفطار أفطر: أي صار كمن لم ينوِ، لا كمن أكل، فلو كان في نفلٍ ثم عاد ونواه جاز، نص عليه، وكذا لو كان عن نذرٍ، أو كفارةٍ، أو قضاءٍ، فقطع نيته ثم نوى نفلاً جاز، ولو قلب نية نذرٍ وقضاءٍ إلى نفلٍ كان حكمه حكم من انتقل من فرض صلاة إلى نفلها على ما تقدم في باب نية الصلاة)). [الإنصاف، 7/ 401]. [2] والنفل مخالف للفرض في ذلك فلم تمنع صحته نية الفطر في زمن لا يشترط وجود نية الصوم فيه؛ ولأن نية الفطر لا تزيد على عدم النية في ذلك الوقت؛ وعدمها لا يمنع صحة الصوم إذا نوى بعد ذلك، فكذلك إذا نوى الفطر ثم نوى الصوم بعده، بخلاف الواجب فإنه لا يصح بنية من النهار، وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا أصبح صائماً ثم عزم على الفطر فلم يفطر حتى بدا له، ثم قال: لا، بل أتمّ صومي من الواجب، لم يجزئه حتى يكون عازماً على الصوم يومه كله، ولو كان تطوعاً كان أسهل)).قال ابن قدامة: وظاهر هذا موافق لما ذكرناه، وقد دل على صحته، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل أهله: ((هل عندكم شيء؟)) فإن قالوا: لا، قال: ((فإني إذن صائم)). [مسلم، برقم 1154، وتقدم تخريجه في النية].المغني لابن قدامة،4/ 370،والشرح الكبير، 7/ 401. [3] تقدم خلاف العلماء رحمهم الله تعالى في مسألة نية التطوع أثناء النهار، وأن الراجح أن الثواب يبدأ من حين النية؛ لأن الأعمال بالنيات، فعلى هذا فمن نوى الإفطار من صيام التطوع ثم عاد ونوى الصيام قبل أن يأكل شيئاً، فصيامه صحيح من النية الثانية [الشرح الممتع، 6/ 377، وانظر ما تقدم في أحكام النية في صيام التطوع [الركن الأول من أركان الصيام]. وانظر مراجع الموضوع: المغني لابن قدامة، 4/ 342، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف، 7/ 405 - 407، وشرح العمدة لابن تيمية، 1/ 193 - 194، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/ 373 - 374. [4] إن نوى أنه سيفطر ساعة أخرى فقال ابن عقيل: هو كنية الفطر في وقته، وإن تردَّد في الفطر فعلى وجهين، كما ذكر في الصلاة، قيل يبطل صومه؛ لأنه لم يجزم بالنية، وقيل لا يبطل؛ لأن الأصل بقاء النية. ورجح المرداوي في الإنصاف، 7/ 403 أنه لا يجزئه عن الصوم الواجب، وقال: ((وهذا هو الصواب))، وذكر ابن عثيمين خلاف العلماء في المسألة [التردُّد في النية] فقال في مجموع الفتاوى، 19/ 188: ((منهم من قال: إنَّ صومه يبطل؛ لأن التردُّد ينافي العزم، ومنهم من قال: إنه لا يبطل؛ لأن الأصل بقاء النية حتى يعزم على قطعها وإزالتها))، ثم قال: ((وهذا هو الراجح عندي؛ لقوته والله أعلم)).
وإن نوى: أنني إن وجدت طعاماً أفطرت وإن لم أجد أتممت صومي، فعلى وجهين في مذهب أحمد:
أحدهما: يفطر؛ لأنه لم يبقَ جازماً بنية الصوم، وكذلك لا يصحّ ابتداء النية بمثل هذا.
الثاني: لا يفطر؛ لأنه لم ينوِ الفطر نية صحيحة، فإن النية لا يصلح تعليقها على شرط؛ ولذلك لا ينعقد الصوم بمثل هذه النية. [المغني، 4/ 371].
قال المرداوي في الإنصاف، 7/ 403، (( ... أو قال: إن وجدت طعاماً أكلت وإلا أتممت، فكالخلاف في الصلاة؛ قيل: يبطل لأنه لم يجزم بالنية، نقل الأثرم لا يجزئه عن الواجب حتى يكون عازماً على الصوم يومه كله، قلت [القائل المرداوي]: وهذا الصواب. وقيل لا يبطل؛ لأنه لم يجزم بنية الفطر، والنية لا يصح تعليقها ... )).
وقال العلامة ابن عثيمين في مجموع الفتاوى، 19/ 182/ (( ... أما لو قال: إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي، ولم يجد الماء فهذا صومه صحيح؛ لأنه لم يقطع النية، ولكنه علق الفطر على وجود الشيء، ولم يجد الشيء، فيبقى على نيته الأولى)).
اسم الکتاب : الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 201