اسم الکتاب : المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها المؤلف : العفيفي، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 44
أقول: ولم يكن غريباً عند العرب أن تفعل المرأة ما فعلته سلمى إذا استطاعت إلى الخلاص سبيلا، ولكن الغريب ألاَّّ تفعله وهي قادرة عليه. كما حدثوا أن ربيعة أُغير عليهم، فسبيت ابنة لأمير لهم، فجهد الأمير في استردادها. حتى إذا خُيرت بين أبيها وسابيها، آثرت من هي عنده. فراع الأمير ذلك وغضب له قومه وسَن لهم وأْد البنات وسنوه هم لمن سواهم، ويروون شبيه ذلك عن قيس بن عاصم.
أما الوأْد فأشتد وأشنع ما اقترفته يد ظالمة آثمة، في نفس بريئة طاهرة. وذلك يعمد الرجال إلى وليدته وقد بدأت تستقبل الوجود وتستنشي نسيم الحياة، فيقذفها في حفرة من الأرض، ويهيل على جسمها التراب. ثم يدعها في غمرة الموت بين طِبَاق الأرض!!. ولو أننا افترضنا تلك الجريمة الموبقة بين جمهور العرب لما آمنا بتلك الجيوش الخضارم التي وطئت نواصي الأرض، وطوَّقت أعناق الأمم، وهم أبناؤهم وحَفَدَتهم والحق أن الوأد لم يكن معروفاً إلا في فرائق من ربيعة وكندة وتميم، وأفذاذ مغمورين لا يعدون قلةً من مختلف القبائل وهم بين رجلين: رجل أملق من عقل ومال، فهو يخشى أن يسيء الفقر إلى أدب ابنته، ويهتك من سترها، ويبذل من عرضها. وذلك جبان لا عزم له ولا ثقة ولا إيمان. والعرب براء منه. وآخر من سَراة القوم ذهبت بعقله الغيرة، وهوى بنفسه الإشفاق من
تبدل الحوادث، وتداول المَثُلات وما عسى أن يصيبها من ذل أو سباء. وذلك وأمثاله شر مكانا وأقل عدداً.
اسم الکتاب : المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها المؤلف : العفيفي، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 44