responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جولة في كتابي (الأغاني) و (السيف اليماني) المؤلف : المجذوب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 432
فيخلطه بالإضافات المناسبة فلا يلبث أن يشتهر بذهن الناس وفي كتب الرواة على أنه نسيج واحد، كما يفعل القاص يقع على كلمة مؤثرة فيحوك بها وحولها قصة فنية نستمتع بقراءتها دون أن نبحث عن حقيقتها..
وما أكثر الأسباب التي تساعد على هذا الاتجاه في ظل الترف وغضارة الحياة.

شهادات حق:
وحسب القارئ في ما أوردناه حتى الآن من هذه الملابسات ما يقنعه بوجوب الحذر من كل ما يرويه المشبوهون عن شخصية الرشيد، فكيف إذا مضينا في استعراض ما تبقى من شهادة الإمام الذهبي عن مواهبه الكثيرة من (الشجاعة والبصر بأعباء الحلافة – مما نسميه اليوم بالحذق السياسي والدبلوماسي – وإذن فلن تتردد في تزييف الكثير مما يطالعك به ذلك الشعوبي المريب. وكيف تتوقف في ذلك وأنت أنىّ نظرت من حياته الحافلة ألفيت الشواهد الناطقة بهذه الحقيقة، من خلال ملاحمه مع الروم وملاحقته المتمردين في كل جانب من دولته المنتشرة في أرجاء الأرض، وفي تتبعه لمسالك عماله ومعالجة أوضاعهم ومجتمعاتهم، مما يجعله في مقدمة رجال الدول.. ولعمر الله قلما أجد مدحا يوجه إلى عظيم أكثر انطباقا على شخصية ممدوحه من قول أشجع السلمي في تصوير شخصية الرشيد:
وعلى عدوك يابن عم محمد
...
رصدان ضوء الصبح والإظلامُ
فإذا تنبه رعته، وإذا غفا
...
سلت عليه سيوفك الأحلامُ
والعجيب بعد ذلك كله أن نرى مفكرا بعيد الرؤية يقبل جماع ما نسبه صاحب الأغاني إلى تلك الشخصية التي مهما اختلف عليها الرواة والكاتبون ستظل على علاتها إحدى مفاخر التاريخ الإسلامي في زمن تضافرت فيه العوامل المشوهة لذلك التاريخ، وستظل في تقدير المنصفين أكبر من الكيان الزائف الذي يرسمه الفارغون والمفسدون لذلك الخليفة، لأن مسئولياته أعظم من أوقاته، فلا متسع عنده للعبث واللهو إلا أن تكون نزواتٍ عجلي يتخفف بمثلها العظماء من أعبائهم المرهقة.. دون أن تمس كرا متهم.

اسم الکتاب : جولة في كتابي (الأغاني) و (السيف اليماني) المؤلف : المجذوب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست