أولاً: مفهومها: الجمعة لغة: قال ابن فارس رحمه الله: ((الجيم، والميم، والعين أصل واحد يدل على تضامِّ الشيء، يقال جمعت الشيء جمعاً)). ((وتقول: استجمع الفرس جرياً. وجَمْع: مكة سُمِّي لاجتماع الناس فيه، وكذلك يوم الجمعة)) [1]. سمِّي به لاجتماع الناس فيه [2]، وجمعة جمعها: جُمَع، وجُمُعات، والذين قالوا: الجُمُعة ذهبوا بها إلى صفة اليوم، ويقال: الجُمْعة، والجُمَعة [3][4]. [1] معجم المقاييس في اللغة، كتاب الجيم، باب الجيم والميم وما بينهم، اص224. [2] انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الجيم مع الميم، 287، وقال: ((وفي حديث الجمعة: أول جمعة جمِّعت بعد المدينة بجواثى جمعت: بالتشديد أي صليت، ويوم الجمعة سمي به لاجتماع الناس فيه)) النهاية، 1/ 297. [3] انظر: لسان العرب لابن منظور، باب العين، فصل الجيم، 8/ 58، والقاموس المحيط، باب العين، فصل الجيم، ص917. [4] وسميت بالجمعة؛ لاجتماع الناس لها، وقيل: لِمَا جمع فيها من الخير، وقيل: لجمعها الخلق الكثير، وقيل: لأن آدم جمع مع حواء فيها، وقيل: لأنه اليوم الذي اجتمعت فيه المخلوقات وكمالها، وقيل: سمي يوم الجمعة؛ لأن آدم جمع خلقه فيها، ونقل المرداوي عن مجمع البحرين أن هذا القول أولى، وقال عبد الرحمن بن محمد بن قاسم: قال الحافظ: هو أصحها، ويليه: لاجتماع الناس لها. قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: ((باب ذكر العلة التي أحسب لها سميت الجمعة جمعة)) ثم أورد حديث سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا سلمان ما يوم الجمعة))؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((يا سلمان ما يوم الجمعة))؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((يا سلمان ما يوم الجمعة))؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((يا سلمان يوم الجمعة به جمع أبوك - أو أبوكم - أنا أحدثك عن يوم الجمعة، ما من رجل يتطهر يوم الجمعة كما أمرتم يخرج من بيته حتى يأتي الجمعة، فيقعد، فينصت حتى يقضي صلاته إلا كان كفارة لِمَا قبله من الجمعة)) صححه ابن خزيمة، 3/ 117 - 118، برقم 1732، وقال العلامة الألباني: ((إسناده حسن))، والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 6/ 237،برقم 6089،وأحمد في المسند،5/ 439 - 440،وفي الفتح الرباني،6/ 45،قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 174: ((روى النسائي بعضه [3/ 104]، ورواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن)) انتهى.
وفي لفظ أحمد: (( ... لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ثم يأتي يوم الجمعة فينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كان كفارة له ما بينه وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة)) 5/ 439، وفي لفظ لأحمد أيضاً: (( ... ألا أحدثك عن يوم الجمعة؟ لا يتطهر رجل مسلم ثم يمشي إلى المسجد ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كانت كفارة لِمَا بينها وبين الجمعة التي بعدها ما اجتنبت المقتلة)) 5/ 440.
وقد كان يوم الجمعة يسمَّى في الجاهلية: ((العروبة))؛ لأن العرب كانت تعظمه، وقيل [ذكره السهيلي في الروض الأنف، 1/ 8، 2/ 196]: أول من سمى العروبة كعب بن لؤي، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم، فيخطبهم، ويذكرهم بمبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعلمهم بأنه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيمان به)) انظر: الكشاف للزمخشري، 4/ 97، والوسائل في مسامرة الأوائل، للسيوطي، 19، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، 4/ 102 - 103، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي،5/ 175،وحاشية ابن قاسم على الروض المربع،2/ 418، وسبل السلام، 3/ 153.