responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 39
صريح، غير أن بسطه من الأهمية بمكان؛ لأن التشغيب بنحو هذا من قبل أولياء الباطل من أجل تقرير أن الزلازل والفيضانات والبراكين التي تصيب بعض الأمم الباغية لا علاقة لها ولا مدلول يشير إلى صلاح أو فساد نجمت عنه الكارثة، والحجة عندهم أن تلك الكوارث بعينها تصيب أهل الإسلام فيهلك من الصالحين أناس.
مع أن الله يقول: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" [الروم:41]. وقال سبحانه: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" [الشورى:30]، وقال لخير القرون رضي الله عنهم: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [آل عمران:165].
وللجواب على هذا الإشكال لابد في البداية أن نفهم مسألة مهمة في هذا الباب وهي أنهلك وفينا الصالحون؟ أو بصيغة أخرى أيهلك القوم وفيهم الصالحون؟ أجيب بأن الله قد أعذر فأنذر عباده، قال عز سلطانه: "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (الأنفال:25)، وفي الصحيحين من حديث زينب بنت جحش –رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: "نعم إذا كثر الخبث".
قال أبو الوليد الباجي، وهو من علماء القرن الخامس: "فهذا مع الصالحين فكيف مع قلتهم أو مع عدمهم نسأل الله أن يتجاوز عنا بفضله ويتغمد زللنا برحمته ... انتهى"، ولا يسعنا إلاّ أن نقول: آمين!
وفي صحيح البخاري بابٌ: إذا أنزل الله بقوم عذاباً.
قال ابن حجر: بتصرف يسير مني "حذف الجواب اكتفاء بما وقع في الحديث"، ثم ساق حديث يونس بن زيد: "إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بٌعثوا على نياتهم"، قال ابن حجر: "والمراد من كان فيهم ممن ليس هو على رأيهم، قوله: "ثم بعثوا على أعمالهم" أي: بعث كل واحد منهم على حسب عمله، إن كان صالحاً فعقباه صالحة، وإلاّ فسيئة فيكون ذلك العذاب طُهرة للصالحين ونقمة على الفاسقين" ثم ذكر آثاراً عدة في هذا المعنى، وقال: "والحاصل أنه لا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يُجازى كل أحد بعمله على حسب نيته"، ثم ذكر قول ابن أبي جمرة في سبب إهلاك الصالحين، فقال: "إنما يقع بسبب سكوتهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بغير موجب شرعي-، وأما من أمر ونهى فهم المؤمنون حقاً، لا يرسل الله عليهم العذاب، بل يدفع بهم العذاب، ويؤيده قوله تعالى: "وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" [القصص:59]، وقوله تعالى: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" [الأنفال:33]، ويدل على تعميم العذاب لمن لم ينه عن المنكر -مع عدم المفارقة حال

اسم الکتاب : فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست