السماء بدعوات، يسمع منها الأحياء والأموات، ويجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات، قال: أحقّ ما تقول؟ قال: إي وربّ السماء والأرض، وما بينهما من رفع وخفض، إنَّ ما أنبأتك به لحق ما فيه أَمْض [1].
قال ابن إسحاق: فوقع في نفس ربيعة بن نصر ما قالا فجهّز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خُرَّزاد فأسكنهم الحيرة، فمن بقية ولد ربيعة بن نصر النعمان بن المنذر، فهو في نسب اليمن وعلمهم النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، ذلك الملك. قال ابن هشام: النعمان بن المنذر بن المنذر فيما أخبرني خلف الأحمر.
وقد ذكر هذه القصة ابن هشام في "السيرة" وابن جرير في "تاريخه" وأبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة" وابن كثير "في البداية والنهاية"؛ كلهم عن ابن إسحاق. وزاد ابن جرير في رواية له عن ابن إسحاق قال: ولما قال سَطِيح وشِقّ لربيعة بن نصر ذلك وصنع ربيعة بولده وأهل بيته ما صنع ذهب ذكر ذلك في العرب وتحدثوا به حتى فشا ذكره وعلمه فيهم، فلما نزلت الحبشة اليمن ووقع الأمر الذي كانوا يتحدثون به من أمر الكاهنين، قال الأعشى: أعشى بني قيس بن ثعلبة البكري في بعض ما يقول وهو يذكر ما وقع من أمر ذينك الكاهنين سَطيح وشِقّ:
ما نَظَرتْ ذَاتُ أشفار كنظرتها ... حقًا كما نطق الذئبي إذا سجعا (2) [1] قوله: ما فيه أَمْض، قال ابن هشام: أمض يعني شكّاً بلغة حمير، وقال أبو عمرو: أمض أي باطل. وقال السهيلي: وقوله: لحق ما فيه أَمْض، أي ما فيه شك ولا مستراب.
(2) ذات الأشفار هي زرقاء اليمامة، وقد نظرت إلى جيش حسان بن تبان أسعد أبي كرب ملك اليمن من مسافة بعيدة فأنذرت قومها فكذبوها فصبحهم حسان بجيشه واستباحهم، وقوله: كما نطق، كذا جاء في تاريخ ابن جرير، وفي ديوان الأعشى "كما صدق الذئبي إذ سجعا".