هالتني وفظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها، قال: أفعل، رأيت حُمَمَة [1]، خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تَهَمَة [2]، فأكلت منها كل ذات جمجمة، فقال له الملك: ما أخطأت منها شيئًا يا سطيح فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرتين من حنش [3] لتهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش، فقال له الملك: وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن، أفي زماني هذا أم بعده؟ قال: لا بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين، يمضين من السنين، قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: لا بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين، قال: ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرَمُ بن ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحدًا منهم باليمن، قال: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: لا بل ينقطع، قال: ومن يقطعه: قال: نبي زكي، يأتيه الوحي من قِبَل العلي، قال: وممن هذا النبي؟ قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر، قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم، يوم يجمع [1] قال ابن الأثير: الحُمَمة الفحمة. وقال الجوهري: الحمم الرماد والفحم وكل ما احترق من النار، الواحدة حُمَمة. [2] قال الجوهري: التَّهم بالتحريك مصدر من تهامة، وفي لسان العرب أن التّهمة الأرض المتصوبة إلى البحر. [3] قال الجوهري: الحنش بالتحريك كل ما يصاد من الطير والهوام والجمع أحناش، وقال ابن منظور في "لسان العرب" الحنش الحية وقيل: الأفعى، وقال كُرَاع: هو كل شيء من الدواب والطير.