والحازة [1] فسألهم عن رؤياه فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه – يعنون بيت المقدس – رجل يكون على وجهه هلاك مصر فأمر ببني إسرائيل أن لا يولد لهم غلام إلا ذبحوه ولا يولد لهم جارية إلا تركت.
ومن أحلام الملوك أيضًا رؤيا بختنصر. وقد ذكرها ابن كثير في "البداية والنهاية" عن محمد بن إسحاق بن يسار أنه ذكر في كتاب "المبتدأ" عن سعيد بن بشير عن قتادة عن كعب الأحبار. قال ابن كثير: وروى غيره عن وهب بن منبه أن بختنصر بعد أن خَرَّب بيت المقدس واستذل بني إسرائيل بسبع سنين رأى في المنام رؤيا عظيمة هالته فجمع الكهنة والحزار وسألهم عن رؤياه تلك، فقالوا: ليقصها الملك حتى نخبره بتأويلها، فقال: إني نسيتها وإن لم تخبروني بها إلى ثلاثة أيام قتلتكم عن آخركم فذهبوا خائفين وجلين من وعيده فسمع بذلك دانيال عليه السّلام وهو في سجنه فقال للسجان: اذهب إليه، فقل له: إن ههنا رجلاً عنده علم رؤياك وتأويلها فذهب إليه فأعلمه فطلبه فلما دخل عليه لم يسجد له فقال له: ما منعك من السجود لي؟ فقال: إن الله آتاني علمًا وعلمني وأمرني أن لا أسجد لغيره، فقال له بختنصر: إني أحب الذين يوفون لأربابهم بالعهود فأخبرني عن رؤياي، قال له دانيال: رأيت صنمًا عظيمًا رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، أعلاه من ذهب ووسطه من فضة وأسفله من نحاس وساقاه من حديد ورجلاه من فخّار فبينا أنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه وإحكام صنعته قذفه الله بحجر من السماء فوقع على قمة رأسه حتى طحنه واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده حتى تخيل إليك أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك ونظرتَ إلى الحجر الذي قذف به يربو ويعظم وينتشر حتى ملأ الأرض كلها فصرت لا ترى إلا الحجر والسماء، فقال له بختنصر: صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ فقال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي وسطه وفي [1] القافة جمع قائف وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها، والحازة جمع حازٍ وهو الكاهن، قال ابن منظور في "لسان العرب" التحزي التكهن قال الليث الحازي الكاهن وقال ابن سيده تحزى تكهن. وفي الحديث كان لفرعون حازٍ أي كاهن. انتهى.