فصل
في ذكر ما أوّله محمد بن سيرين من الرؤيا
قال الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" قد جاء عن ابن سيرين في التعبير عجائب يطول الكتاب بذكرها، وكان له في ذلك تأييد إلهي. انتهى. وقال الذهبي أيضًا في "تذكرة الحفاظ": كان علاّمة في التعبير. انتهى.
فمن تأويله ما رواه ابن أبي شيبة حدثنا عفان قال: حدثنا جرير بن حازم قال: قيل لمحمد بن سيرين: إن فلانًا يضحك، قال: ولم لا يضحك فقد ضحك من هو خير منه. حدثت أن عائشة رضي الله عنها قالت: ضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - من رؤيا قصّها عليه رجل ضحكًا ما رأيته ضحك من شيء قط أشد منه، قال محمد: وقد علمت ما الرؤيا وما تأويلها، رأى كأن رأسه قطع فذهب يتبعه، فالرأس النبي - صلى الله عليه وسلم -، والرجل يريد أن يلحق بعمله عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يدركه، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وقد روى القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي في شرح الترمذي بإسناده إلى أبي مجلز – واسمه لاحق بن حميد السدوسي – قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت في المنام أن رأسي قطع وجعلت أنظر إليه، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «بأي عين كنت تنظر إلى رأسك إذ قطع؟» فلم يلبث إلا قليلاً حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأوّلوا رأسه موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونظره اتباعه سنته. قال ابن العربي: فلعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في إخباره بتلعب الشيطان كان على رؤيا ذهب بعضها، فأما ما أرى فإنه يحتمل موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباعه لهديه، أو لموته فيموت على قرب منه أو معه. انتهى.
وقد تقدم في أول الكتاب [1] ما رواه جابر وأبو هريرة رضي الله عنهما أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت في المنام كأن رأسي قطع، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس» هذا لفظ [1] صـ 26.