اسم الکتاب : كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع المؤلف : الهيتمي، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 181
ومَن تَبِعَه فقط، ولم يستَحضِروا ما ذكرته الذي علم منه أنَّ الحرمة منقولُ الأصحابِ، وأنَّه لا غبار عليها من حيث المعنى أيضًا، وأنَّ جميع ما نقَلَه التاج عن والده ثانيًا مردودٌ بما قرَّرته كما لا يَخفَى على مَن له أدنى ذوق [1].
(تَنْبِيه [خامس] [2] علم ممَّا مرَّ أنَّ محلَّ القول بالإباحة أو الكراهة ما لم تكنْ [ز[1]/ 46/ب] بَيادق الشِّطرَنج ونحوها مُصوَّرة كلها أو بعضها ولو [كان] واحدًا بصُورة حَيوان، وإلا حرم اللعب به لأنَّ فيه تعظيمًا له، وبه فارق الجلوس والنوم ونحوهما على المصور؛ لأنَّ فيه إهانةً له، وما لم يقترن به فُحشٌ وسفه، وإلا حرم كما قاله الصيمري [3]، بل نقل الإجماعَ على رَدِّ [1] قال السبكي في "فتاويه" (2/ 636): (مسألة) قال الشيخ الإمام - رحمه الله -: إذا لَعِبَ الشافعيُّ الشطرنجَ مع الحنفيِّ والحنفيُّ يعتقد تحريمه فهل نقول: إنَّ الشافعيَّ الذي يعتقد حلَّه يحرم عليه في هذه الصورة؛ لأنَّ فيه إعانة على محرَّم أو لا؟ وهل هو كرجلين تبايَعَا وقتَ النداء أحدهما من أهل الجمعة حيث يحرم البيع والآخَر ليس من أهلها بحيث يحلُّ له البيعُ مع غيره، وقد اختلفوا هل يحرم عليه لما فيه من الإعانة أو لا؟ والذي أقوله في مسألة الشطرنج أنَّه لا يحرم على الشافعي وإنما يحرم على الحنفي، والفرق بينه وبين مسألة البيع وقت النداء أنَّ البيع وقت النداء محرَّم عندهما ولعب الشطرنج ليس محرمًا عند الشافعي، وإنما المحرَّم على الحنفي لعبه مع ظنِّ التحريم، وكلُّ واحد من الجزأين ليس بحرامٍ، أمَّا الظن فهو نتيجةُ اجتهادِه يُثاب عليه فليس بحرام، وأمَّا اللعب من حيث هو فليس بحرام عليه ولا غيره ولا على غيره إذا كان حُكم الله فيه ذلك في نفس الأمر، فإنْ قلت: بظن الحنفي صار حَرامًا عليه، قلت: الذي صار حرامًا عليه لعبه مع ظنِّه لا لعبه مطلقًا، فالهيئة الاجتماعيَّة هي المحرَّمة، وهي النسبة الحاصلة بين اللعب المظنون والظن، والشافعيُّ اللاعب لم يعنْ على أحد الجزأين وهو اللعب، وهو بلسان الحال يردُّ على الحنفي في ظنِّه ويقول له: لا تظن فلم يعنْ على محرَّم، وهذا البحث يُشبِه في أصول الدِّين بقولهما لو وقع خلاف المعلوم لزم انقِلاب العلم جهلاً، وما قيل في جوابه: إنَّه لو وقع خلاف المعلوم مع بَقاء العلم، وهذا مناقض، بل مَن وقع خِلافه يصير معلومًا، فإنَّ كلَّ ما يقع معلوم، والله أعلم، انتهى. [2] في (ز1): تنبيه رابع، والمثبت من (ز2) وهو الصحيح الموافق للترتيب. [3] أبو القاسم الصيمري: عبدالرحمن بن الحسن، أبو القاسم الصيمري الفقيه، شيخ الشافعية، وهو من أصحاب الوجوه، تفقَّه بأبي الفياض البصري، وهو شيخ أقضى القُضاة الماوردي، له كتاب "الإيضاح في المذهب" وهو كتاب جليل، ومن غرائب وجوهه أنَّه قال: لا يملك الرجل الكلأ النابت في ملكه ومنها: لا يجوز مسُّ المصحف لِمَن بعض بدنه نجس، كان حيًّا في سنة خمس وأربعمائة، ولم يعلمْ وقت وفاته؛ "الوافي بالوفيات"؛ للصفدي.
اسم الکتاب : كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع المؤلف : الهيتمي، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 181