اسم الکتاب : كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع المؤلف : الهيتمي، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 108
فإنْ قيل: أليس رُوِي عن ابن عمر وساقَ طرفًا من حديث الراعي وغيره، ثم قال: قلنا: قال أبو سليمان الخطابي: المِزْمَار الذي سمعه ابن عمر صفارة الرُّعاة، وهذا محمولٌ على غير الشَّبَّابَة؛ وهذا يدلُّ على أنَّه وإن كان مكروها فليس كسائر الملاهي؛ لأنَّه لو كان كذلك لما اقتَصَر على سَدِّ المسامع فقط دُون الزجر والتنكيل، انتهى لفظه.
ولا خَفاء أنَّ الراعي ونحوه يصفر فيها صفرًا مجرَّدًا، والكلام فيمَن يصفر فيها على القانون المعروف، فالوجه التحريمُ فيها مطلقًا، بَل هي أجدَرُ بالتحريم من سائر المزامير المتَّفَق على تحريمها؛ لأنها أشدُّ إطرابًا وهي شِعار الشَّرَبة وأهل الفُسوق، وقال بعض أهل هذه الصناعة - وهي الموسيقا -: الشَّبَّابَة آلةٌ كاملة وافية تجمَعُ النَّغمات، وقال آخَرون: ينقص قيراطًا.
قال القرطبي: هي من أعلى المَزَامِير، وكل ما لأجله حرمت المَزَامِير موجودٌ فيها وزيادة، فيكون أولى بالتحريم، قال الأذرعي: وما قاله حقٌّ واضح، والمنازعة فِيه مكابرةٌ، وقال غيره: هي من أعلى المَزامِير، وكل ما لأجله حُرِّمت المَزامِير موجودٌ فيها وزيادة؛ فيكون أولى بالتحريم، والمنازعة في هذا مكابرةٌ، وهو الموافق للمَنقول، فإنَّه الذي نَصَّ عليه الشَّافِعِيُّ والجمهورُ؛ فقد قال فِي "الأم" فِي باب السرقة: ولا يقطع فِي ثمن الطُّنْبُور ولا المِزْمَار، انتهى [1].
وقد حرم الشَّافِعِي ما دونها فِي الإطراب بكثيرٍ فإنَّه حرَّم الكُوبَة وهو الطبل الصغير، وحرَّم طبل اللهو وهو [ز[1]/ 27/أ] الطبل الكبير، وحرم الطبل [2] فِي غير العُرس والخِتان، وما حرَّمَه إلا لأنَّه لهوٌ لا ينتفع به فيما يجوز؛ ففي
(1) "الأم"؛ للشافعي (6/ 160) طبعة دار المعرفة. [2] في المطبوع: وحرم الدف.
اسم الکتاب : كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع المؤلف : الهيتمي، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 108