اسم الکتاب : مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 526
الدليل الثاني عشر: عمل جميع الصحابة بلا استثناء في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد مماته، فكلّهم يرمون في حجهم في أيام التشريق بعد الزوال، وقد حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة خلق كثير، بلغ عددهم كما ذكر العلماء: مائة وثلاثين ألفاً [1].
وقد بيّن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما في صفة حجة الوداع، أن أعدادهم كثيرة جداً حيث قال: ((مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين لم يحج، ثم أذَّن في الناس في العاشرة: أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حاجٌّ فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتمَّ برسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ... )) إلى أن قال: (( ... فصلّى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدِّ بصري بين يديه: من راكب وما شٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به ... )) [2]، وكل هؤلاء
عملوا المناسك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم: ((خذوا عني مناسككم، لعلي لا أراكم بعد عامي هذا)) [3]، فأخذوا عنه ذلك وطبَّقوه وعلَّموه من لم يسمع، وبلّغوه مَنْ بعدهم، فلم يرمِ واحدٌ من هؤلاء الصحابة الجمار أيام التشريق إلا بعد الزوال اقتداء بنبيِّهم - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت عن صحابيٍّ واحدٍ أنه أفتى بالرمي قبل الزوال، أو رمى قبل الزوال لا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا بعد [1] انظر: فتح الملك المعبود في شرح سنن أبي داود، 2/ 105. [2] مسلم، برقم 1218. [3] مسلم بنحوه، برقم 1297، والبيهقي بلفظه، 5/ 125.
اسم الکتاب : مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف الجزء : 1 صفحة : 526