responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف    الجزء : 1  صفحة : 268
المحظور السابع: عقد النكاح، فلا يتزوج المحرم، ولا يزوج غيره بولاية ولا وكالة، ولا يخطب، ولا يتقدم إليه أحد يخطب بنته أو أخته أو
غير ذلك؛ لحديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَنْكِحُ المحرِمُ، ولا يُنْكِح، ولا يخطب [ولا يُخطب عليه])) [1] [2].
وعقد النكاح ليس فيه فدية ولكن يفسد النكاح [3]، وهو مذهب جماهير العلماء، والموافق للنصوص الصحيحة [4].

[1] مسلم، كتاب النكاح، باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته، برقم 1409، وما بين المعقوفتين زادها ابن حبان، برقم 124، ولفظه: ((لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب، ولا يخطب عليه)) [قال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لصحيح ابن حبان: ((حديث صحيح رجاله ثقات)).
[2] انظر: شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 185 - 216.
[3] انظر: المرجع السابق، 2/ 185.
[4] اختلف العلماء في هذه المسألة بسبب الروايات الواردة في ذلك، قال الإمام النووي رحمه اللَّه: ((فاختلف العلماء بسبب ذلك في نكاح المحرم، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم: لا يصح نكاح المحرم، واعتمدوا أحاديث الباب.
وقال أبو حنيفة والكوفيون: يصح نكاحه؛ لحديث قصة ميمونة.
وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة أصحها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تزوجها حلالاً، هكذا رواه أكثر الصحابة، قال القاضي وغيره ولم يروا أنه تزوجها محرماً إلا ابن عباس وحده، وروت ميمونة وأبو رافع أنه تزوجها حلالاً، وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به بخلاف ابن عباس؛ ولأنهم أضبط من ابن عباس، وأكثر.
الجواب الثاني: تأويل حديث ابن عباس على أنه تزوجها في الحرم، وهو حلال، ويقال لمن هو في الحرم: محرم وإن كان حلالاً، وهي لغة شائعة معروفة، ومنه البيت المشهور: قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً، أي في حرم المدينة.
القول الثالث: أنه تعارض القول والفعل، والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول؛ لأنه يتعدى إلى الغير، والفعل قد يكون مقصوراً عليه.
والرابع جواب جماعة من أصحابنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خُصَّ به دون الأمة، وهذا أصح الوجهين عند أصحابنا. والوجه الثاني: أنه حرام في حقه كغيره وليس من الخصائص، وأما قوله: ((ولا ينكح)) فمعناه لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة، قال العلماء: سببه أنه لما منع في مدة الإحرام من العقد لنفسه صار كالمرأة فلا يعقد لنفسه، ولا لغيره، وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة: كالأب، والأخ، والعم، ونحوهم، أو بولاية عامة، وهو السلطان، والقاضي، ونائبه، وهذا هو الصحيح عندنا، وبه قال جمهور أصحابنا، وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة دون الخاصة.
واعلم أن النهي عن النكاح والإنكاح في حال الإحرام نهي تحريم، فلو عقد لم ينعقد سواء كان المحرم هو الزوج والزوجة، أو العاقد لهما بولاية أو وكالة، فالنكاح باطل في كل ذلك، حتى لو كان الزوجان والولي محلين وَوَكَّل الولي أو الزوج مُحرماً في العقد لم ينعقد، وأما قوله: ((ولا يخطب)) فهو نهي تنزيه ليس بحرام وكذلك يكره للمحرم أن يكون شاهداً في نكاح عقده المحلون، وقال بعض أصحابنا: لا ينعقد بشهادته؛ لأن الشاهد ركن في عقد النكاح كالولي، والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده)) [شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 204 - 206]. وقد ذكر العلامة الشنقيطي رحمه اللَّه: قول جمهور العلماء: من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأدلتهم، وأن منها: حديث عثمان - رضي الله عنه -: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح، ولا يخطب)) [مسلم، برقم 1409]. وحديث ميمونة: عن يزيد بن الأصم، قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، قال: وكانت خالتي، وخالة ابن عباس)) [مسلم، برقم 1411]. وحديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم، زاد ابن نمير فحدثت به الزهري فقال: أخبرني يزيد بن الأصم أنه نكحها وهو حلال. [مسلم، برقم 1410]، وما أخرجه الترمذي عن أبي رافع قال: تزوج رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما)). قال الترمذي: هذا حديث حسن [الترمذي، برقم 841]. ثم ذكر قول أبي حنيفة، وأنه استدل بحديث ابن عباس: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال)) [البخاري، برقم 4258، ومسلم، 1410] وفي لفظ للبخاري: ((تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف)) [برقم 4258، ومسلم، 1410]. والمقرر في أصول الفقه أنه إذا اختلف نصان وجب الجمع بينهما إن أمكن، وإن لم يمكن وجب الترجيح.
وقد أجاب الجمهور عن حديث ابن عباس بأوجه منها:
[1] - أنه يمكن الجمع بينه وبين حديث ميمونة وأبي رافع ((أنه تزوجها وهو حلال)) ووجه الجمع في ذلك: هو أن يفسر قول ابن عباس أنه تزوجها وهو محرم: بأن المراد بكونه محرماً، كونه في الشهر الحرام، وهو ذو القعدة عام سبع في عمرة القضاء، كما في صحيح البخاري، وعلى هذا التفسير فلا تعارض بين حديث ميمونة وأبي رافع، وبين حديث ابن عباس.
[2] - من أجوبة الجمهور: أن حديث ميمونة وأبي رافع أرجح من حديث ابن عباس؛ لأن ميمونة هي صاحبة القصة، ولا شك أن صاحب القصة أدرى بما جرى له في نفسه من غيره، وقد تقرر في الأصول: أن خبر صاحب الواقعة المروية مقدم على خبر غيره؛ لأنه أعرف بالحال من غيره، والأصوليون يمثلون له بحديث ميمونة المذكور مع حديث ابن عباس.
[3] - ومما يُرجِّح به حديث أبي رافع على حديث ابن عباس: أن أبا رافع هو رسوله إليها يخطبها عليه، فهو مباشر للواقعة وابن عباس ليس كذلك، وهو المقدم عند الأصوليين كما تقدم.
[4] - ومن ذلك أن ميمونة وأبا رافع كانا بالغين وقت تحمَّل الحديث المذكور، وابن عباس ليس ببالغ وقت التحمل، وقد تقرر في الأصول ترجيح خبر الراوي المتحمل بعد البلوغ على المتحمل قبله؛ لأن البالغ أضبط من الصبي لما تحمل. [أضواء البيان، 5/ 365 - 374].
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه اللَّه أثناء تقريره على منتقى الأخبار، لعبد السلام ابن تيمية على الأحاديث: 468 - 2472، يقول: ((هذا يدل على أنه تزوجها وهو حلال غير محرم، فقد أخبرت ميمونةعن نفسها، وأبو رافع كذلك، وهذا مقتضى الأدلة الشرعية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أسرع الناس إلى الخير، وما حرمه اللَّه على الأمة فهو منهم إلا ما خصه الدليل؛ ولهذا قال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس في قوله: تزوج ميمونة وهو محرم)) [أبو داود، برقم 1845، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 517 فقال: ((صحيح مقطوع))]. والصواب أنه تزوجها وهو حلال، وليس هناك أحد معصوم إلا الرسل فيما يبلغونه عن اللَّه)).
قال العلامة ابن القيم رحمه اللَّه في تهذيب السنن، 2/ 359: ((وقد روى مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار: ((أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع مولاه ورجلاً من الأنصار فزوَّجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج)) وهذا وإن كان ظاهره الإرسال فهو متصل؛ لأن سليمان بن يسار رواه عن أبي رافع: ((أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال، وكنت الرسول بينهما)) وسليمان بن يسار مولى ميمونة، وهذا صريح في تزوجها بالوكالة قبل الإحرام)).
اسم الکتاب : مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : القحطاني، سعيد بن وهف    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست