تقرير ذلك، قال ابن زنجويه [1]: السُّنّة عندنا أن الإمام يبعث على صدقات كل قوم من يأخذها من أغنيائهم ويفرقها في فقرائهم، غير أن الإمام ناظر للإسلام وأهله، والمؤمنون إخوة، فإن رأى أن يصرف من صدقات قوم لغناهم عنها إلى فقراء قوم لحاجتهم إليها فعل ذلك على التحري والاجتهاد [2].
وقد أفتى بنحو ذلك شيخ الإسلام، حيث نص على جواز نقل الزكاة وما في حكمها لمصلحة شرعية [3].
ومن صور تلك المصلحة التي يجوز نقل الزكاة لأجلها:
1 - أن يكون فقراء البلد الآخر أشد حاجة، وقد نص على ذلك الحنفية [4] والمالكية [5]، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية [6].
فيجوز نقل الزكاة إليهم؛ لأن المقصود من الزكاة سدُّ خَلَّةِ الفقير، فمن كان أحْوَجَ كان أولى، ويؤيد ذلك عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ المومنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد" [7]. [1] ابن زنجويه: هو حميد بن زنجويه الحافظ الأزديّ. مولده في حدود سنة (180 هـ) روى عنه أبو داود والتّرمذيّ، وصنَّف كتاب الأموال وكتاب التَّرغيب والتَّرهيب، وكان ثقة إمامًا كبير القدر، قال أبو حاتم عنه: الذي أظهر السُّنَّة بنسا. توفي سنة (251). [ينظر: سير أعلام النبلاء (12/ 20) الوافي بالوفيات (4/ 332)]. [2] ينظر: الأموال 3/ 1196. [3] ينظر: الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، (ص 148). [4] ينظر: الجوهرة النيرة 1/ 131. [5] ينظر: حاشية الدسوقي 1/ 501، شرح مختصر خليل للخرشي 2/ 220. [6] ينظر: الإنصاف 7/ 171. [7] رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المسلمين وتعاطفهم وتعاضدهم (2586).