الفور على الراجح أصوليا لما يلي:
1 - أن الله أمر بالمسارعة والمسابقة في الخيرات، كما في قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] [1].
وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] [2]. فهو أَمْر بالمسارعة، وأمره يقتضي الوجوب.
ب - أن مقتضاه عند أهل اللسان الفور؛ فإن السيد لو قال لعبده: اسقني.
فأَخّر، حسن لومه، وتوبيخه وذمه، ولو اعتذر عن تأديبه على ذلك، بأنه خالف أمري وعصاني، لكان عذره مقبولًا.
ج - أنه لا بد من زمان، وأَوْلى الأزمنة عقيب الأمر، ولأنه يكون ممتثلًا يقينًا، وسالمًا من الخطر قطعًا، ولأن الأمر سببٌ للزوم الفعل، فيجب أن يتعقبه حكمه كالبيع والطلاق وسائر الإيقاعات؛ ولذلك يعقبه العزم على الفعل والوجوب [3].
ثانيًا: لو سلمنا بأن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، فإنه يقتضيه هنا لوجود قرينة تدل عليه، وهي دفع حاجة الفقير المعجلة، فلو لم يكن الأمر على الفور لم يحصل المقصود على التمام [4].
2 - أنّ مَن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول والتمكن من الأداء لا يضمن، ولو كانت واجبة على الفور لَضَمِن، كمن أخَّر صوم شهر رمضان عن وقته، فإنه يجب عليه القضاء [5]. [1] سورة آل عمران (133). [2] سورة البقرة (148). [3] ينظر: روضة الناظر 2/ 625. [4] ينظر: فتح القدير لابن الهمام 2/ 155. [5] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 3.