القول الأول: مشروعية صرف الزكاة من سهم الرّقاب لتلك الشعوب المحتلة من الكافرين؛ لدحر المحتلين، وهو قول بعض المعاصرين [1]. القول الثاني: عدم مشروعية صرف الزكاة من سهم الرّقاب لتلك الشعوب. وهو قول أكثر الفقهاء المعاصرين [2].
دليل القول الأول: أن استرقاق الشعوب في عقائدها وأموالها وسلطانها وحرياتها أشد وأخطر من استرقاق الفرد في حريته [3].
ونوقش: بأن ذلك توسع يُفقد كلمة الرّقاب مدلولها الأصلي، مع عدم الحاجة إليه، لوجود مصارف أخرى يُشرع الصرف منها في تلك الأحوال كمصرف (في سبيل الله)؛ لكون التحرر من تسلط الكافرين من الجهاد الشرعي [4].
دليل القول الثاني: أن احتل الله الكافرين لبلاد المسلمين ليس داخلا في دلالة لفظ الرّقاب لغة ولا شرعًا [5]. [1] وقد قال بذلك الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار 10/ 598، وتابعه على ذلك الشيخ محمود شلتوت في فتاواه (118) فقال: "وقد كان أخبرني ما تصدق عليه جهة (الرقاب) شراء الرقيق بقصد تحريره أو مساعدته في بدل تحريره الذي يبذله لسيده، وقد انقرض هذا الصنف بانقراض الرقّ الذي عمل الإسلام على انقراضه منذ أعلن كلمته في الحرص على حرية الإنسان. ولكن قد حل محله الآن رقٌّ هو أشد خطرًا منه على الإنسانية، ذلكم هو رقُّ الشعوب في أفكارها وأموالها وسلطانها وحريتها في بلادها. كان ذلك رقّ أفراد يموتون وتبقى دولهم، ولكن هذا رقّ شعوب وأمم، تلد شعوبًا وأممًا، فهو رقّ عام دائم، وهو أجدر وأحق بالعمل على التخلص منه، ورفع ذله عن الشعوب، لا بمال الصدقات فقط، بل بكل المال والأرواح". [2] ينظر: فقه الزكاة 2/ 664، وأبحاث وأعمال الندوة الثانية لقضايا الزكاة المعاصرة (ص 319، 338، 402). [3] الفتاوى لمحمود شلتوت (118). [4] ينظر: فقه الزكاة 2/ 664. [5] المرجع السابق.