المطلب الأول قدر الغنى المانع من أخذ الزكاة (1)
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز تمليك الزكاة للغني من مصرف الفقراء والمساكين [2]، وقد دل على ذلك أدلة منها قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [3].
ووجه الدلالة: أن الله حصر جواز إعطاء الزكاة لهذه الأصناف، وليس منها الغني.
(1) والمقصود بذلك بيان المقدار الشرعي للكفاية بالنسبة للمسلم الذي لا يستحق معه الزكاة، ويقابل ذلك المقدار الذي تجب معه الزكاة على المسلم. قال البهوتي: "الغنى في باب الزكاة نوعان: نوع يوجبها، ونوع يمنعها، والغنى هنا ما تحصل به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجًا حرمت عليه الزكاة، وإن لم يملك شيئًا، وإن كان محتاجا حلت له ولو ملك نصابًا فأكثر". كشاف القناع 2/ 272. [2] قال ابن قدامة في المغني (2/ 275): "لا يعطى من سهم الفقراء والمساكين غَنِيّ، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم؛ وذلك لأن الله تعالى جعلها للفقراء والمساكين، والغَنِيّ غير داخل فيهم". ويجوز دفع الزكاة للغني بغير وصف الفقر والمسكنة، كالعامل عليها وغيره، كما قال البهوتي في كشاف القناع في شرط دفع الزكاة للعامل: "ولا يُشْتَرَط فقره إجماعا؛ لحديث أبي سعيد يرفعه: "لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة: لعامل، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم أو غازٍ في سبيل الله، أو مسكين تُصُدِّق عليه منها، فأهدى منها لغني". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه". 2/ 275. [3] سورة التوبة (60).