فالحيوانات لا يقصد الاتجار ببيعها وشرائها، وإنما ببيع نتاجها [1].
دليل القول الثاني: أن الحيوانات المنتجة مما تجب الزكاة في عينه؛ لكونها سائمة أنعام، أما نتاجها كالألبان ونحوها فهي مال آخر تجب فيه زكاة التجارة، فهما مالان تجب في كُلٍّ منهما زكاة تختلف عن الأخرى لاختلاف سببها، ففي سائمة الأنعام تجب الزكاة بسبب السَّوم، وفي الغلة أو النتاج تَجِب الزكاة بسبب الاتجار به.
ونوقش: بأن وصف التجارة يزيل سبب زكاة السوم، وهو الاقتناء لطلب النماء، كما أَنَّهما في الحقيقة مال واحد، فالغلّة ناتجة عن الحيوان، ولا يجوز تثنية الزكاة في الملك الواحد [2].
دليل القول الثالث: أن هذه الحيوانات مستغلات تجب الزكاة في غلتها، لأنَّ الغلة مال نامٍ قائم تجب تزكيته، وليس هو عرض تجارة ولا زرع، وهو آيل لأثمان يقبضها صاحبها، فتجب تزكيتها زكاة النقود [3].
ونوقش: بأنه لا يُسَلَّم اعتبارها مستغلات؛ لكون الأصل الذي نتجت عنه الغلة تجب الزكاة في عينه، وأما الغلَّة فإن بقيت وحال عليها الحول فهي مال تجارة لا أثمان، وإن بيعت فالزكاة واجبة في قيمتها بعد حولان الحول وما نتج عنها من أرباح [4]. [1] ينظر: أبحاث وأعمال الندوة الثانية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص 298). [2] ينظر: فقه الزكاة للقرضاوي 1/ 505. [3] المستغلَّات: جمع مستغل، وهو مأخوذ من استغل الدار بمعنى أخذ غلتها، والمراد بها: الأموال التي يقتنيها أصحابها بقصد استغلالها بواسطة تأجير عينها أو بيع إنتاجها كالمصانع والعقارات المؤجرة. انظر زكاة الأصول الاستثمارية الثابتة ضمن أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص 432)، وقانون الزكاة السوداني، المادة 23 ص (22)، وسيأتي بيانها. [4] ينظر: أبحاث وأعمال الندوة الثانية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص 298)، تعقيب لمحمد الشريف.