اسم الکتاب : السواك وسنن الفطرة المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 7
حكم السواك
قال: (يسن بعود رطب لا يتفتت) قوله: (يسن) فيها حكم السواك وأنه سنة مؤكدة مطلقاً.
وقوله: (بعود رطب).
الرطب: ضد اليابس، وهو العود الأخضر، فهو يكون أبلغ وأجود في الإنقاء، قال العلماء: وأجود ما يستعمل إذا كان مبلولاً بماء الورد، ثم بالماء من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرها.
وفي الحديث: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك بعود أراك).
أراك: واحدته: أراكه، بالهاء.
يقول الألباني عن هذا الحديث: لم أجده بهذا اللفظ، لكنه في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (كنت أجتني لرسول صلى الله عليه وسلم سواكاً من الأراك)، وحديث ابن مسعود هنا يغني عن الحديث المذكور قبله.
وهو مسنون مطلقاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب).
لك أن تقول: مَطهرة أو مِطهرة، بفتح الميم أو بكسرها، وهذا الحديث صحيح، رواه الإمام أحمد.
قال في الشرح: ولا نعلم في استحبابه خلافاً، ولا نعلم أحداً قال بوجوبه إلا إسحاق، وداود والإمام النووي رحمه الله يقول: هذا النقل عن إسحاق غير معروف، ولا يصح عنه.
فلا يصح عن إسحاق أنه قال بوجوب السواك، واستدل داود بأنه مأمور به أي: أن داود الظاهري رحمه الله يرى أن السواك واجب؛ لأنه مأمور به، وظاهر الأمر الوجوب.
وأدلّة الأمر بالسواك مصروفة عن ظاهرها الذي يقتضي الوجوب إلى الاستحباب، والدليل الصارف عن الظاهر هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
متفق عليه، وفي الحديث: (أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك عند كل صلاة)، وهذا الحديث حسنه الألباني، وهذا الحديث مصروف عن ظاهره وهو الوجوب إلى الاستحباب بدليل قوله في الحديث الآخر: (لولا أن أشق على أمتي)؛ لأنه لو كان واجباً لأمرهم به، فلما لم يأمرهم دلّ على أنه مستحب فقط.
يكره التسوك للصائم من بعد الزوال حتى تغرب الشمس، وينبغي أن نفهم معنى قوله: (حتى تغرب الشمس) حيث قيدها بهذه العبارة؛ وذلك إبقاءً على رائحة خلوف فم الصائم التي هي أطيب عند الله من ريح المسك، وأنه أثر عبادة مستطاب، فلم تستحب إزالته كدم الشهداء.
لكن هذا القول مرجوح، والراجح خلافه؛ لأن السواك مرضاة للرب، وهي أطيب من ريح المسك، وعموم النصوص الآمرة بالسواك لم تخص وقتاً دون وقت؛ لأن مصدر خلوف فم الصائم هو المعدة وليس الأسنان، فسواء تسوّك أم لم يتسوك، فإن الخلوف لا يزيله التسوك، بل يبقى ما دام الإنسان جائعاً.
وقد وقع الخلاف في حصول السواك بغير العود، فكل ما يحصل به الإنقاء يُعدّ سواكاً وأفضله عود الأراك المشهور، لكن من استاك بغير عود وحصل الإنقاء فإنه يعتبر سواكاً، سواء كان التسوك بفرشاة أو بغيرها مما يمكن به الإنقاء.
ويتأكد السواك عند الوضوء، أي: في حالة المضمضة، وحتى لو تيمم فينبغي له أن يستاك، وحتى لو كان فاقداً الطهرين -التيمم وبالماء- فإنه أيضاً يستاك.
وينبغي التسوك عند أي صلاة فرضاً كانت أو نفلاً، وإن لم يتغير الفم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
وفي رواية: (لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
فقوله: (مع كل وضوء)، فيه دليل على أن الاستياك سنة من سنن الوضوء، لا أنه سنة مستقلة عن الوضوء، كما هو واضح من قوله: (مع كل وضوء)، لكنه في غير الوضوء يعتبر سنة مستقلة بذاتها.
اسم الکتاب : السواك وسنن الفطرة المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 7