اسم الکتاب : شرح رسالة محمد بن عبد الوهاب في شروط الصلاة وأركانها وواجباتها المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 10
[بقية شروط الصلاة:] الشرط الخامس: إزالة النجاسة من ثلاث: من البدن والثوب والبقعة[1]، والدليل قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}.
الشرط السادس: ستر العورة [2]، أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلى عرياناً وهو يقدر، وحد عورة الرجل من السرة إلى الركبة، والأمة كذلك، والحرة كلها عورة إلا وجهها، والدليل قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، أي: عند كل صلاة.
الشرط السابع: دخول الوقت [3]، والدليل من السنة حديث جبريل عليه السلام أنه أمَّ النبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وفي آخره، فقال: «يا محمد الصلاة بين هذين الوقتين»، وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء:103]، أي: مفروضاً في الأوقات، ودليل الأوقات قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].
الشرط الثامن: استقبال القبلة [4]، والدليل قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144].
الشرط التاسع: النية [5]، ومحلها القلب والتلفظ بها بدعة، والدليل حديث: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى». [1] تقدم أن شروط الصلاة تسعة، وقد تقدم منها أربعة، وهي: الإسلام والعقل والتمييز والطهارة، وتقدم الكلام عليها، وما يتعلق بالطهارة.
الشرط الخامس: إزالة النجاسة من ثلاث: من الثوب والبدن والبقعة: لا بُدَّ أن يكون المصلي طاهراً في ثوبه أي: سترته، وفي بدنه أي: جسده، وفي البقعة أي: محل صلاته، فإن صلى في ثوب نجس أو في بدن نجس أو في بقعة نجسة لم تصح صلاته إذا كان ذاكراً عالماً، أما إذا كان جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة على الصحيح؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وبها خبث فلما أطلعه جبرائيل خلعهما ولم يعد أول الصلاة، مع عموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286]، والنجاسة المراد التخلص منها ليس مثل الطهارة؛ لأن الطهارة عبادة مطلوبة لذاتها، أما النجاسة فالمطلوب التخلص منها من ثوبه أو بدنه أو بقعته فإذا نسيها أو جهلها فصلاته صحيحة، فلو صلى في ثوب نجس ناسياً أو جاهلاً أو أصاب بدنه نجاسة ولم يذكر ذلك ولم يعلمه، أو في البقعة ظنها طاهرة فبانت غير طاهرة، فصلاته صحيحة على الصحيح.
- مسألة: هل تصح الصلاة في أرض نجسة مع وضع المصلي حائل كسجادة أو بساط وما أشبه ذلك؟.
الجواب: إذا وضع حائلاً فلا بأس، ولو كانت النجاسة رطبة مادام الساتر ثخيناً يمنع الرطوبة.
- مسألة: ما حكم الدم القليل على الثوب؟.
الجواب: الدم القليل يعفى عنه، إذا لم يكن من القبل أو الدبر، مثل: دم الجراح، ودم الضروس، ودم العين، فيعفى عنه. [2] الشرط السادس: ستر العورة: لا بُدَّ أن يصلي وهو ساتر عورته، وعورة الرجل: من السرة إلى الركبة، يسترها على الصحيح، والحرة: كلها عورة إلا وجهها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة»، إلا وجهها تكشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجانب؛ لأن السنة كشفه، واختلف العلماء في الكفين فأجاز بعضهم كشفهما، وأوجب بعضهم سترهما في الصلاة، والأحوط سترهما كما قال المؤلف، أما بقية البدن فإنها تستر قدميها وبقية بدنها في الصلاة إلا إن كان عندها أجنبي فإنها تستر وجهها أيضاً، أما الأمة: ففيها خلاف، فبعض أهل العلم: ألحقها بالرجل؛ لأنها مبتذلة تباع وتشترى فعورتها مثل عورة الرجل، وقال آخرون: بل مثلها مثل المرأة الحرة؛ لعموم الأدلة، والأحوط لها أن تستتر كالحرة خروجاً من الخلاف؛ لعموم الأدلة في ستر العورة، وأن المرأة عورة، وكون المشتري ينظر إليها ويستامها لا يخرجها عن كونها تستتر في الصلاة وتستتر عن الأجانب لئلا يفتن بها، لا سيما إذا كانت جميلة، فتحرص على الستر والبعد عن أسباب الشر، ومعلوم أن مسائل الخلاف من مسائل الاشتباه عند خفاء الدليل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، وقوله: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه»، فهي محل شبهة فالأحوط لها أن تستر العورة وجميع بدنها كالحرة في الصلاة.
- مسألة: ما المراد بالزينة في قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]؟.
الجواب: العلماء فسروا الزينة هنا بالستر، يعني: ستر العورة.
- مسألة: الحديث الذي فيه يسأل الصحابة بعضهم بعضاً عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها، هل هي إحدى أمهات المؤمنين، أو ما ملكت يمينه؟، فأجاب بعضهم: (إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه)، رواه البخاري في صحيحه، هل يدل ذلك على أن عورة الأمة غير عورة الحرة؟.
الجواب: يظهر أنها لا تحجب، لكن لا يلزم أن تسفر؛ لأن الله قال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، لكن الحجاب عن كونها لها حجاب يسترها كأمهات المؤمنين هذا ستر خاص، فهو محتمل؛ لأنها تباع وتشترى، ولكن ذكر العلماء لو أن فيها شيء من الجمال وجب التستر؛ حذراً من الفتنة. [3] الشرط السابع: دخول الوقت: لا بُدَّ أن تكون الصلاة في الوقت؛ لأن الله تعالى قد فرض الصلاة في أوقاتها، فإن صلاها قبل الوقت لم تصح، وإن صلاها بعد الوقت صحت مع الإثم إذا أخرها عمداً، إلا أن يجوز له التأخير في السفر أو المرض، فيؤخر الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء فلا بأس، أما إذا أخرها من غير عذر، أو قدمها على الوقت فلا يجوز، لكن متى قدمها على الوقت بطلت، إلا إذا كانت تجمع إلى ما بعدها فأخرها لسفر أو مرض فلا بأس. [4] الشرط الثامن: استقبال القبلة -الكعبة-: لا بُدَّ أن يستقبلها في الفرض والنفل، فعليه استقبال القبلة؛ للآية الكريمة حيث يقول جل وعلا: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144]، إلا إذا كان هناك عذر، كالمسافر يصلي النافلة لجهة سيره، فلا بأس للعذر الشرعي، أو مريض ليس عنده من يعدله لجهة القبلة وخاف فوات الوقت فإنه يصلي على حسب حاله، أو سجين مربوط مصلوب ليس له القدرة على استقبال القبلة، فالله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ? [التغابن: 16]، ويقول: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، [البقرة: 286]، أما مع القدرة فيجب أن يستقبل القبلة في الفرض والنفل، إلا في السفر فإنه لا بأس أن يصلي إلى جهة سيره في النافلة. [5] الشرط التاسع: النية: العبادة كلها لا بُدَّ لها من نية، كالصلاة والصوم والصدقة وغير ذلك، فلا بُدَّ من النية في جميع العبادات، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى»، والنية محلها القلب، في الصلاة والصوم وسائر العبادات، إلا في الحج فإنه يظهرها فيلبي بالنسك، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما عدا ذلك فإنها في القلب، والتلفظ بها بدعة، كأن يقول: (نويت أن أصلي) هذا بدعة، (نويت أن أصوم) كذلك، (نويت أن أتصدق) كذلك، إنما في الحج جاء الشرع بإعلانها في الإحرام فيقول: (لبيك عمرة)، أو (لبيك حجة)، أو (لبيك عمرة وحجة)، فيعلن ويصرح بما نواه في قلبه، هذه السنة وهذا شيء خاص بالحج والعمرة.
اسم الکتاب : شرح رسالة محمد بن عبد الوهاب في شروط الصلاة وأركانها وواجباتها المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 10