اسم الکتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم المؤلف : القاضي عياض الجزء : 1 صفحة : 319
(27) باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم
112 - (61) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمرَ؛ أَنَّ أَبا الأَسْوَدِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِى ذَرٍّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَيْسَ مِنْ رَجُل ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، إِلا كَفَرَ. وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلْيَتَبَّوأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، ومَنْ دَعَا رَجُلاً بِالْكُفْرِ، أَوْ قالَ: عَدُوَّ اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلا حَارَ عَلَيْهِ ".
113 - (62) حدّثنى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَنِى عَمْرٌو، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: " لا تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " من رغِب عن أبيه فقد كفر ": يُريد ترك الانتساب إليه وجحده وانتسب لسواه يقال: رغبت عن الشىء تركته وكرهته، ورغبت فيه أحببته وطلبته.
قال الإمام: هذا يتأول على ما تقدم من الاستحلال، أو يكون أراد الكفر اللغوى بمعنى جحد حق أبيه [1] وستره [2].
وقوله: " فالجنة عليه حرام "، قال القاضى: تأويله على ما تقدم من أصول أهل السنة، من أن الذنوب لا تُحرم على أحدٍ الجنة البتَّة، بل إن شاء الله تعالى أخذ [3] وعاقب وحرَّمها للمذنب مُدَّة ثم يدخلها، وإن شاء عفى، أو يكون تأويل الحديث لفاعله مستحلاً.
وقوله: " ليس مِنَّا " على ما تقدَّم، أى ليس مهتدياً بهدينا ولا مستناً بسنتنا.
وقوله: " فليتبوأ مقعده من النار ": أى استحق ذلك بقوله، واستوجبه لمعصيته إلا [1] فى نسخ الإكمال: الله، والمثبت من المعلم. [2] وكان هذا التأويل لازماً؛ لأن انتسابه لغير أبيه قذف أو كذب، أو عقوق ولا شىء من ذلك يكفر، فلذلك يحمل الحديث على هذا التأويل الذى ذكره الإمام، أو يقال: إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد كفر النعمة، أى جحد حق أبيه، وقد ذكر القرطبى تأويلاً ثالثاً هو: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطلق الكفر مجازاً لشبهه بفعل أهل الكفر؛ لأنهم كانوا يفعلونه فى الجاهلية. قال: وهذا إنما يفعله أهل الجفاء، والجهل، والكبر، لخسة منصب الأب، ودناءته، فيرى الانتساب إليه عاراً ونقصاً فى حقه. المفهم 1/ 219. [3] فى جميع النسخ التى معنا: وأخذ، وهو وَهْم نساخ.
اسم الکتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم المؤلف : القاضي عياض الجزء : 1 صفحة : 319