اسم الکتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم المؤلف : القاضي عياض الجزء : 1 صفحة : 286
76 - (...) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسى بْنُ يُونُسَ عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى حَصِينٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قالَ: " فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ ".
77 - (48) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، جَمِيعًا عَن ابْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه جمعه مع إكرام الجار والإحسان إليه، وذلك غير واجب، فهو مثله. [1]. وتأولوا الأحاديث أنها كانت فى أول الإسلام، إذ كانت المواساة واجبةً، وقيل: لعل هذا كان للمجاهدين أول الإسلام ولم يكن لهم سعةٌ للزاد، فأُلزِم من مرَّ بهم ضيافَتهم، وقيل: لعل ذلك على من أُلزِم الضيافة من أهل الذمة لمن يجوز بهم.
واختُلِفَ: هل الضيافة على الحاضر والبادِ؟ فذهب لكون ذلك عليهما الشافعى ومحمد بن عبد الحكم [2]. وقال [مالك] [3] وسحنون: إنما ذلك على أهل البوادى ولا يلزم أهل الحاضرة؛ لأن المسافر يجد فى الحضر المنازل فى الفنادق ومواضع النزول وما يشترى فى الأسواق، وقد جاء فى حديث: " الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر "، لكن هذا الحديث عند أهل المعرفة موضوع [4].
وقد تتعين الضيافة لمن اجتاز محتاجاً وضيف عليه، وعلى أهل الذمة إذا شرطت عليهم فى الأصل.
وقوله: " فليقل خيراً أو ليصمت ": أى ليقل خيراً يثاب عليه، أو يصمت عن الشر فيسلم. وهو متل الحديث الآخر: " من صمت نجا " [5]، فعرَّفَك بهذا أن من آمن بالله واليوم الآخر فليلزم هذه الأخلاق الحسنة، من إكرام الضيف، والجار، ودفع أذاه [1] وقد أجيب عن الأول من الاحتجاجات - وهو قولهم، والجائزة العطية، والعطية لا تجب إلا مع الاختيار -: بأن العطية جنس، ولا يلزم من عدم وجوب الجنس ألا يجب واحد من أفراده. وعن الثانى - وهو أن قوله: " فليكرم وليحسن " لا يستعمل مثله فى الواجب -: بأن القولين جاءا للقدر الأخص من مطلق الضيافة المتنازع فيه، والقدر الأخص وهو الاعتناء مندوب ما لم يكن معه تكلف شإنه لا ينبغى. وعن الثالث - بأنه جمعه مع، أى عطفه على، إكرام الجار والإحسان إليه -: بأنه يصح عطف الجواب على غير الواجب فى عطف الجمل. إكمال الإكمال 1/ 151. [2] وكذا أحمد فى أحد قوليه، وفى قول آخر له ما يوافق مالكاً وسحنون. المغنى 13/ 354. [3] من ت. [4] راجع: كشف الخفاء 2/ 47، الأسرار المرفوعة 238، وقد ساقه القرطبى فى تفسيره 9/ 64، وقد نقل عن مالك أنه ليس على فقيه ضيافة. [5] الحديث أخرجه الترمذى فى سننه، صفة القيامة 4/ 660، وأحمد فى المسند 2/ 159، 177، من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الترمذى: " هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ".
اسم الکتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم المؤلف : القاضي عياض الجزء : 1 صفحة : 286