اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 252
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الخامس: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حجب التوبةَ عن كل صاحب بدعةٍ" وهو حديث صحيح (أ).
قال الشيخ علي محفوظ (ب):
قد وصفت البدعة وأهلها في لسان الشرع وأهله بصفات محذورة ومعان مذمومة, تقضي بأن يكون معناها ما ذهب إليه أصحاب الطريقة الأولى، وهو: أن يكون الابتداع مشاركة للشارع في التشريع، ومضاهاة له في سن القوانين وإلزام الناس السير على مقتضاها. اهـ.
أقول:
بما قدمت من الأدلة، وبما جرى عليه أفهام السلف الصالح تعلم أن البدعة في الدين لا تقسم إلى الأحكام الخمسة، وأن المبتدع معاند للشرع، ومشاق له, لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقاً خاصة على وجوه خاصة، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، وأن الشر في تعديها إلى غير ذلك, لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه إنما أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، فالمبتدع رادٌ لهذا كله، فإنه يزعم أن ثم طرقاً أخر، ليس ما حصره الشارع بمحصور، ولا ما عينه بمتعين، كأن الشارع يعلم، ونحن أيضاً نعلم، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع، أنه علم ما لم يعلمه الشارع.
وهذا إن كان مقصوداً للمبتدع فهو كفر بالشريعة والشارع، وإن كان غير مقصود، فهو ضلال مبين (جـ).
4 - شبهات محسني البدع والرد عليها: الأولى: احتج بعض الناس بالأثر الذي صح عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن في الدين بدعة حسنة: أما الأثر: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - فقوله: "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فوجد =
(أ) أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (4202) وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 189): ورجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1/ 25 رقم 52).
وانظر "الصحيحة" رقم (1620) والبدع لابن وضاح رقم (149).
(ب) في كتابه: "الإبداع في مضار الابتداع" (ص 108).
(جـ) "الاعتصام" للشاطبي (1/ 49) ط: المعرفة.
اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 252