رجل فقيه عالم عابد مجتهد، وكانت له امرأة، وكان بها معجبًا ولها محبًا، فماتت، فوجد عليها وجدًا شديدًا، ولقي عليها أسفًا، حتى خلا في بيت وغلق على نفسه، واحتجب من الناس، فلم يكن يدخل عليه أحد، وإن امرأة سمعت به فجاءته، فقالت: إن لي إليه حاجة أستفتيه فيها ليس يجزيني فيها إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه، وقالت: ما لي منه بد، فقال له قائل: إن ها هنا امرأة أرادت أن تستفتيك، وقالت: إن أردت إلا مشافهته، وقد ذهب الناس وهي لا تفارق الباب، فقال: ائذنوا لها، دخلت عليه، فقالت: إني جئتك أستفتيك في أمر، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حليًا، فكنت ألبسه وأعيره زمانًا، ثم إنهم أرسلوا إلي فيه أفأؤديه إليهم؟ فقال: نعم والله، فقالت: إنه قد مكث عندي زمانًا؟ فقال: ذلك أحق لردك إياه إليهم حين أعاروكيه زمانًا، فقالت: أي يرحمك الله، أفتأسف على ما أعارك الله، ثم أخذه منك وهو أحق به منك؟! فأبصر ما كان فيه ونفعه الله بقولها [1].
باب ما جاء في الاختفاء
44 - حدثني يحيى، عن مالك، عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المختفي والمختفية يعني: نباش القبور. [1] هذه المرأة موفقة، الإنسان لا يحتقر النصيحة من صغير أو كبير.