وقال إسحاق بن راهويه: أما الذي يعتمد عليه إذا كان الماء قلتين، فنحو ست قِرَبٍ؛ لأن القلة نحو الخابية.
وقال أبو ثور: القلتان خمس قرب، ليس بأكبر القرب ولا بأصغرها.
وأما أبو عبيد: فلم يجعل لها حدًّا.
وقال عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، ويحيى بن آدم: القُلَّة: الجَرَّة ولم يحدوها بشيء معلوم.
والذي يقتضيه الوضع اللغوي، ما قدمناه، وهو أن تكون محمولة على أصل اشتقاقها وهو: ما يُقِلُّةُ الإنسان أي يحمله ويطيقه، والذي جرت العادة أن يحمله الإنسان غالبًا وفي الأكثر: مائتا رطلٍ، وأكثره مائتان وخمسون رطلاً، وهو ما حَدَّه الشافعي.
وقد اختلف أصحابه، هل هو تحديد أو تقريب؟.
فذهب بعضهم إلى أنه تقريب، فلو نقص منها شيء يسير لم ينجس الماء.
وقال بعضهم: بل هو تحديد، فلو نقص الماء نجس.
"وهَجَرُ" التي تنسب إليها القلال، موضع قريب من مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليس هجر قصبة البحرين، وإنما نسبت القلال إلى هذا الموضع وإن كان عملها بالمدينة لأن ابتداء عملها كان بِهجر، ثم نُقِلَ إلى المدينة.
والظاهر من لفظ الحديث، أن المراد بالقلة، نحو ما ذهب إليه الشافعي من التحديد، لأنهم إنما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الماء الذي يكون بالفلاة من الأرض، في المصانع، والوهاد والغدران، ونحوها، ومثل هذه المياه لا تُحَدُّ بالكوز والكوزين في جاري العرف، والعادة، وأن الكوز يسمى أيضًا قلة، وليس مُرادًا في هذا الحديث.