وليس بينه وبين الطواف سترة [1].
استدل الشافعي بهذا الحديث، وبحديث ابن عباس المتقدم، على أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدنو من السترة اختيار، وأمره بالخط في الصحراء اختيار.
وقوله: "لا يفسد الشيطان عليه صلاته" أن يلهو ببعض ما يمر بين يديه، فيصير إلى أن يحدث ما يفسدها, لا بمرورها تمر بين يديه.
واعلم أن أحاديث سترة المصلي كثيرة، وقد ذكرنا منها هاهنا ما يتعلق به، وسيرد ما بقى منها في موضعه. والسترة من محاسن أوصاف الصلاة ومكملاتها وفائدتها: قبض الخواطر عن الانتشار، وكف البصر عن الاسترسال، حتى يكون العبد مجتمعًا للمناجاة التي خصلها والتزمها.
وسنزيد هيئة السترة بيانًا فنقول: هو أن تكون في طول الذراع، لأنها بِقَدْرِ آخرة الرحل الوارد في الحديث الثابت، وأن تكون بِغِلظِ الرمح، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إلى العنزة، وهي قطعة من الرمح كما ذكرنا، فإذا وضعها بين يديه، فلا يجعلها قبالة وجهه، بل تكون مائلة إلى اليمين أو اليسار، لحديث المقداد: ما رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى عمود أو شيء فصمد إليه صمدًا، [1] أخرجه أحمد (6/ 399)، وأبو داود (2016)، والحميدي (578) من طريق كثير بن كثير به.
وقال أبو داود: قال سفيان: كان ابن جريج أخبرنا عنه قال:
أخبرنا كثير، عن أبيه قال: فسألته، فقال: ليس من أبي سمعته ولكن من بعض أهلي عن جدي.
قال المنذري في مختصر السنن (2/ 434):
في إسناده مجهول: وجده: هو المطلب بن أبي وداعة السهمي القرشي، له صحبة، ولأبيه أبي وداعة الحارث بن صبيرة أيضًا صحبة وهما من مسلمة الفتح اهـ.
وأخرجه البيهقي في سننه (2/ 273):
وقال: وقد قيل عن ابن جريج: عن كثير: عن أبيه، قال: حدثني أعيان بني المطلب، عن المطلب ورواية ابن عيينة أحفظ.
والحديث ضعفه الشيخ الألباني -رحمه اللَّه- في ضعيف أبي داود (437).