وقوله في رواية الجماعة: "وهو يغسل ثوبه" يعني أنه لم يكتف بغسل الموضع الذي ناله المني من ثوبه حتى غسل جميع الثوب احتياطًا، لئلا يكون قد أصاب موضعا آخر من ثوبه وجهلة "فلذلك قالت له: "إنما كان يكفيه إن رآه أن يغسل مكانه، وإن لم يره نضحه" ثم بَيَّنَتْ مستند فتواها بقولها: "لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فيصلي فيه".
وإذا كان الفرك مُجْزِئًا فكيف يغسل مكانه؟!.
"ضِفْتَ الرَّجُلَ": إذا نزلتَ به ضَيْفًا، وأَضَفْتَهُ إذا أَنْزَلْته.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن مني الرجل طاهر، ومني المرأة نجس، وقيل: إنه طاهر.
وإلى طهارة مني الرجل ذهب ابن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وبه قال عطاء، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
فلا يجب غسله ويستحب فركه للحديث.
وقال مالك، والثوري، والأوزاعي: إنه نجس يجب غسله ولا يكفي فيه الفرك، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وهو قول ابن المسيب.
وقال أبو حنيفة: هو نجس إلا أنه يُغْسَلُ رَطْبُهُ، وَيُفْرَكُ يَابِسُهُ.
ومن قال بطهارته، فليس في حديث الغسل وحديث الفرك تناقض؛ الغسل على الاستحباب والنظافة.
وقد قال الشافعي: فإن قال قائل: عمرو بن ميمون، روى عن سليمان بن يسار، عن عائشة: "أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -" قلنا هذا إذا جعلناه يابسًا، فليس بخلافٍ لقولها: "كنت أفركه من ثوبه" كما لا يكون غسله قدميه مرة خلافُ لمسحه على خفيه في يوم من أيامه، وذلك أنه إذا مسح علمنا أنه يجزئ الصلاة بغسله لا أن واحدًا منهما خلاف الآخر، مع أن