responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 665
وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَجْلِس وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ" [1] فأما القيام والضحى فلم يكن قط طاعة ولا شرعاً، وأما الصمت فقد كان شرعاً لمن كان قبلنا فنسخ في ملَّتنا.
وأما الصيام فإنه بقي مشروعاً لازماً يلزمه الوفاء به، وقد قال مالك، رضي الله عنه، في الموطّأ (إذَا نَذرَ مَا لَا يَقْدَر عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِيهِ مِنْ ذلِكَ الْوَفَاءُ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَعْمَلْ مَا قَدَرَ) [2]، المعنى: وما عجز عنه فالأمر فيه إلى الله تعالى وهذا صحيح كما لو قال: لله تعالى عليَّ أن أصوم الدهر، أو أصلي الزمان، فإنه لا يلزمه. والذي عندي في ذلك أن ما كان من هذه الأعمال التي التزمها، والنذور التي عينها, لا يقطع به في معاشه ولا في صحته فإنه يلزمه، وما قطع المعاش أو أثَّر في الصحة فإنه يسقط عنه لأنه معصية وليس يختلف في هذا أحد، والله أعلم ...
حديث: روى مَالِك، رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَتْ لَهُ: (إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ وَلَدِي .. الحديث إلى آخره، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ) [3]، اختلف فيه فقيل هو مذهبه خاصة، وهذه معصية [4] لا كفارة فيها، وقيل يهدي هدياً [5] وعليه علماؤنا، وقيل يكفِّر كفارة اليمين [6] بالله تعالى. فلما اعترض السائل على ابن عباس بأنها معصية فكيف يلزمه فيه كفارة، قال له: كما إن الظهار معصية وتجب فيها الكفارة. وهذا مما يجب أن تفقهوه دستوراً؛ وذلك أن ابن عباس لم يرد أن يجعل

[1] البخاري في الإيمان والنذور باب النذر فيما لا يملك وفي معصية 8/ 178، وأبو داود 3/ 600 كلاهما من حديث ابن عباس، ورواه مالك في الموطأ 2/ 475 مرسلاً.
[2] الموطّأ 2/ 474.
[3] الموطّأ 2/ 476 مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: أتَتِ امْرَأةً إِلَى عَبْدِ الله بْنِ عَبْاسٍ فَقَالَتْ لَهُ ....
لم أطلع عليه في غير الموطأ وسنده صحيح.
[4] قال الشافعي: هي معصية يستغفر الله منها. أحكام القرآن للشارح 4/ 1607، والقرطبي 15/ 111.
[5] قال أبو حنيفة: هي كلمة يلزمه بها ذبح شاة. أحكام القرآن للشارح 4/ 1607, وأحكام القرآن للجصاص 3/ 1377.
[6] وقال مالك: مثل قول أبي حنيفة. قال الشارح: دليلنا أن الله جعل ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة شرعاً فألزم الله إبراهيم ذبح الولد وأخرجه عنه بذبح الشاة، وكذلك إذا نذر العبد ذبح ولده يجب أن يلزمه ذبح شاة لأن الله تعالى قال: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} والأيمان إلزام أصلي، والنذر إلزام فرعي فيجب أن يكون عليه محمولًا. أحكام القرآن للشارح 4/ 1607.
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 665
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست